للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقُرّر (١) ناصر الدين البارزى في كتابة السرّ عوضا عن فتح الله، وكان صدر الدين بن الأَدمى قد عُيّن لذلك من قبل، فاتفق له رمد أَشفى منه على العمى، فاستقرّ البارزي وسُجن فتح الله بالقلعة في أَواخر شوال، ثم عوقب في سادس ذي الحجّة على ظهره عقوبةً بالغةً وعُصِر حتى كاد أَن يموت وأُهين إهانة بالغةٍ، ثم حُوِّل في ثامن ذى الحجة إلى ناظر الخاص فأَنزله في داره (٢) مُضَيْقًا عليه.

وكان المؤيد قد نقل الخليفة المستعين من القصر فأَنزله في دارٍ من دور القلعة ومعه أَهله، ووَكلَ به مَن يمنع الاجتماع به فبلغ ذلك نوروز فجمَع (٣) القضاةَ والعلماء في سابع ذي القعدة واستفتاهم عمّا صنعه المؤيّد بالخليفة من خَلْعه وسِجْنه، فأَفتوه بعدم جواز ذلك، وافترقوا على غير شيء.

* * *

وفى هذا الشهر انتهت عمارة قلعة دمشق إلى أَن صارت أحسن مما كانتْ وأَعمر، وتوَسَّع نوروز في النفقات والعطايا حتى إنه أَعطى تغرى بردى بن أَخي دمرداش ثمانية آلاف دينار، ويشبكَ بن أَزدمر خمسة آلاف دينار؛ وقسْ على هذا.

وكثرت مصادرته للناس فأَخذ من خليل الأُستادار وحده مائتي أَلف دينار، ويقال إنه وجد مع ناسٍ من أَهل البقاع ذهبًا فأَنكر عليهم فاعترفوا أَنهم نبشوا لدفْن ميت فوجدوا ناووسًا ففتحوه فوجدوا فيه ذهبًا كثيرًا فاقتسموه، فتَتَبِّع نوروز من أَخذه واستعاد منه ما قدر عليه، فحصل له نحو ثلاث غرائر ملآى ذهبا فيما قيل.

* * *

وفى تاسع شوال سُجن سودون المحمدى بالإسكندرية.

وفى ذى القعدة قُطع الدعاء للخليفة بمكة ودُعِى للمؤيد وحده، وكان من أَول دولة المستعين يُدْعى لهما.


(١) في هامش ث: "ولاية ابن البارزي ناصر الدين كتابة السر بمصر".
(٢) في هـ، ث: "دار".
(٣) في هامش ث: "ابتداء مخالفة نوروز لشيخ وما جرى بينهما".