شهر رمضان المعظم قدره وحرمته - أوله الأحد وترؤه ليلة السبت وكانت رؤيته ممكنة لكن كان الغيم مطبقاً ومضى أكثر النهار ولم يتحدث أحد برؤيته، وتمادى الأمر على ذلك إلى العشر الثاني، فشاع أن بعض أهل الضواحي صاموا يوم السبت، ثم كثر الخبر عن أهل المحلة فكوتب حاكمها، فاجاب بأنه شهد برؤيته شاهدان من العدول وآخران مستوران، وتحدث برؤيته جماعة كثيرون وحكم به بعض نواب الحكم، فلما تكامل ذلك اتصل ببعض نواب الحنبلي القاضي - فحكم بتحريم صوم يوم الاثنين الذي هو بالعدد يكون ثلاثين من رمضان وبوجوب قضاء يوم السبت على قاعدتهم في أن الهلال إذا رئي ببلد وجب على بقية البلاد صومه وقضاءه على من كان أفطره، وكانوا هم صاموا يوم السبت على قاعدتهم - في صوم اليوم الذي يلي الليلة التي يكون غيمها مطبقاً ولولا ذلك لأمكنت رؤية الهلال. فلما كانت ليلة الاثنين تراءى الناس الهلال فرآه جمع جم، فكان العيد يوم الاثنين بغير شك، فلم يمكن الحنابلة صيامه.
شهر - ذي القعدة الحرام أوله - الأربعاء في يوم السبت رابعه عقد مجلس بحضرة القضاة - فادعى تقي التاجر على برهان الدين بن ظهير شاهد عثمان ولد السلطان أنه ظلمه، فإنه كان اشترى حصة من مطبخ سكر لتقي فيها الأكثر فوقع بينهما منازعة بسبب ذلك.
فأشهد تقي على نفسه أنه ملك ولد السلطان حصته - من الجدر. والنحاس الذي يطبخ فيه السكر والجوز والبنا - وكتب بينه وبين ابن ظهير مباراة وثبت، واستثنى في المباراة قدرة كبيرة تختص بتقي فادعى تقي، ثم إن تقي ادعى بأن - ابن ظهير حولها في غيبته بغير وجه شرعي، فادعى بذلك بين يدي الحنفي فقال الحنفي: لا تسمع دعوى من أمراء ولو كان وكيلاً. فأذن السلطان لأحد أئمة القصر في الدعوى على تقي عن ولده، فأمر السلطان أن يتوجهوا إلى مجلس القاضي فأعيدت الدعوى. فخشي تقي على نفسه من غيظ السلطان فقال: كل ما يدعي علي لولد السلطان أنا أملكه لولد السلطان، فبادر من أعلم السلطان أن الحق غلب على تقي، فظن صحة ذلك فأرسل إلى القاضي أن لا يمكن تقي