ووقع في هذه السنة والتي بعدها والتي قبلها من تلاعب الجهلة بمنصب الحسبة ما يتعجب من سماعه حتى أنه في الشهر الواحد يليه ثلاثة أو أربعة وسبب ذلك أنهم فرضوا على المنصب مالاً مقرراً فكان من قام في نفسه أن يليه يزن المبلغ المذكور ويخلع عليه ثم يقوم آخر فيزن ويصرف الذي قبله واستمر هذا الأمر في أكثر دولة الملك الناصر فرج، وفي رمضان وقع الطاعون بالقاهرة وفشا الموت واستمر إلى آخر السنة.
ذكر من مات
في سنة تسع وثمانمائة من الأعيان
إبراهيم بن محمّد بن دقماق صارم الدين مؤرخ الديار المصرية في زمانه كان جده دقماق أحد الأمراء الناصرية ونشأ هو محباً في الفن التاريخي فكتب بخطه منه ما لا يحصى وجمع تاريخاً على الحوادث وتاريخاً على التراجم وجمع طبقات الحنفية وحصلت له بسببه محنة في سنة أربع وثمانمائة ذكرتها في الحوادث وولي في آخر الأمر إمرة دمياط فلم تطل مدته فيها ورجع إلى القاهرة فمات بها في ذي الحجة في أواخرها وقد جاوز الستين، وكان مع اشتغاله بالأدب عرياً عن العربية عامي العبارة، وكان جميل العشرة، فكه المحادثة، كثير التودد، قليل الوقعة في الناس.
أحمد بن إسماعيل بن عبد الله الحريري شهاب الدين اشتغل بالعلم ومهر في الطب والهيئة والمعقولات ونظر في الأدب، وتزيا بزي العجم، وكان مملقاً جداً، اجتمعت به في الكتيين مراراً، وسمعت من نظمه وفوائده، ثم اتصل بالملك الظاهر بأخرة فأعطاه وظائف الشيخ علاء الدين الأقفهسي فأثرى وحسنت حاله، وتزوج وسلك الطريق الحميدة مات في خامس ذي القعدة بمصر.