للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيخ أَكمل الدين وغيره من أَرباب الدولة، فعُقد لذلك مجلس حافل عند برقوق في نصف جمادى الأُولى. فتكلّم أَكمل الدين وبالغ في مساعدة الشافعي، وجرى بينه وبين جار الله مقاولات (١) كثيرة وإساءات.

وفى آخر الأَمر قال أَكمل الدين لبرقوق: "إن في هذا الذي يطلبه جار الله شناعةً عظيمة على الحنفية، وإنهم إنما يطلبون منك ذلك تحيّلا منهم على إبطال الزكاة"؛ فنفر برقوق من ذلك وأَمر بإبطال ذلك. وقام مع الشافعية الشيخ خلف الطوخى وكان برقوق يحبه ويعتقده.

فلما كان في الثاني والعشرين من جمادى الأُولى خُلع على ابن جماعة واستقر على قاعدته وأَن لا يخرج شي من الأَوقاف الحكمية والمودع عن أَمره، وحصل للعجم من ذلك غم عظيم وشنّع العامة عليهم بما ذكره أَكمل الدين من قصدهم إبطال الزكاة، حتى قال ابن العطار:

أَمَرَتْ تركْنا بمودِع حكم … حنفىٍّ لأَجْل مَنْع الزكاة

رب خُذْهم فإنهم إنْ أَقاموا … نَخْشَ أَن يأمروا بِتَرْك الصلاة

وقال في ذلك أَيضا:

ظهر "البرهان" لما … لعِبَتْ عُجم بتركِ

واستقام الدست حتى … صُرفَ الجار يبْكي

* * *

وفيها غزر جمال الدين بن عبد الرحيم بن عبد الرزاق (٢) وعُزل من نيابة الحكم للحنفية، وذلك أَن امرأَة أَقرَّت عنده بانقضاء عدتها يسقط. مخلق فحكم بذلك، ثم ادعت أَنها حامل فكتب لها فَرْض حمل، فاستُفْتِى عليه فأَفتى علماء مذهبه بأَن ذلك مخالف لهم، فأَمر برقوق بعزله وتْعزيره.

وفيها أَمر برقوق بعزل زين الدين الاسكندرى نائب الحنفى (٣) من الحكم أَيضا، وذلك بشكوى مأمور الحاجب [لبرقوق] منه أَنه يمنع منه الخصوم، وأَمر برقوق بشخصٍ من العامة احتمى عند زين الدين المذكور من مأمور، فَضُرب بالمقارع وجُرس.


(١) في ل "مغالات"، وفى ز "بقالات" وفى هـ " مقالات".
(٢) "الوراق" فى ز، هـ.
(٣) "الحكم" في ز، هـ.