للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت سلامته من القطع (١) من العجائب، وفى ذلك يقول بدر الدين بن الصاحب مضمّنا، وكان بلغه أنه عشر فسقط. فانكسرت يده:

قالوا بأنَّ يد القمّاح قد كُسِرَت … فأعلنت أُختها بالوَيْل والغير

تأخَّر (٢) القطع عنها وهي سارقة … فجاءها الكسر يستقصى عن الخبر

وقد اهتدم ذلك برمته من البيتين السائرين في تاريخ ابن خلكان:

إن العمادَ بنَ جبريلٍ أخَا علمٍ … له يدٌ أصبحَتْ مذمومة الأثر

تأخَّر (٢) القطع عنها وهي سارقة … فجاءها الكسرُ يستقصى عن الخبر

وفيها - في جمادى الأولى - حضرت رسل حسين بن أويس صاحب بغداد وتبريز إلى برقوق، وهم قاضي البلد الشيخ زين الدين على بن عبد الله بن سليمان بن الشامي المغربي الغافقي (٣) الآمدي الشافعي، وشرف الدين عطاء بن الحسين الواسطى الوزير. وشمس الدين محمد بن أحمد البرادعي فأكرموا غاية الإكرام.

وذكر الغافقي أنه غرم على سفرته عشرة آلاف دينار وأنه جاء في مائة عليقة، وكان يكثر الثناء على أهل الشام. وتردّد الكبار للسلام عليهم حتى القضاة؛ ورتب لهم برقوق رواتب كثيرة وطلبهم عنده مرة ومد لهم سماطا حافلًا. وكان تسفيرهم في العشر الأخير من رجب.

وفيها كانت الوقعة بالتركمان وزعيمهم ابن ذلغادر، أوقع بهم العسكر الشامى ومعهم نائب حلب ونائب دمشق في جمادى الأولى فانكسروا كسرة شنيعة وقُتل منهم جماعة، ثم رجع العسكر التركماني فهَزموا العسكر وجُرح نائب ملطية منطاش وتمزَّق الجيش، ووقع التركمان في النهب، وقُتل جركان (٤) الجركسي وكان من قدمائهم، له ذكرٌ في حوادث سنة خمسين وسبعمائة، وكان من أتباع الفخر أياس وولى نيابة حمص ثم قلعة دمشق ثم الحجوبية بحلب.


(١) أي من قطع يديه.
(٢) اكتفت نسختا ز، هـ من هذا البيت بالكلمات الآتية "تأخر القطع إلى آخره".
(٣) في ز، هـ "المقانعي" وفى هامش كل منهما "العنابقى" بدون تنقيط القاف.
(٤) في ل، هـ "جوبان" وفى ز "حوكان" لكن راجع فيما بعد ترجمة رقم ١٧ من وفيات هذه السنة.