وفيه قدم الشيخ أبو زيد بن خلدون من المغرب فأكرمه السلطان.
وفي ذي القعدة أسلم أبو الفرج الأسعد كاتب الحوائج خاناة فسماه السلطان: موفق الدين، وولاه نظر ديوان أولاده، وتقدم واشتهر ذكره.
وفيها وقع بين الشيخ سراج الدين البلقيني والشيخ بدر الدين بن الصاحب في الخشابية بجامع مصر بحث ألزمه فيه البلقيني بالكفر، فجرى بينهما كلام كثير وتولد منه شر كبير، فقام على ابن الصاحب جماعة وادعوا عليه عند المالكي، فسعى له آخرون عند اكمل الدين، حتى نقل القضية إلى القاضي الشافعي، وأقام مدة في الترسيم حتى حكم بحقن دمه، واستمر في وظائفه وعاش بعدها مدة. فحدثني بعض من سمع الشيخ سراج الدين يجهر بصوته بين القصرين وابن الصاحب مع الرسل الموكلين به سائراً مع البلقيني وهو يقول: يا معشر المسليمن! هذا كفر، فيقول ابن الصاحب: يا معشر المسلمين! هذا رأى الشيخ ذلك عدل إلى قوله: يا معشر المسلمين! هذا قال: غن نبيكم مت هو مدفون بالمدينة، وكان البحث بينهما في شيء من ذلك، وتعصب له جماعة منهم الفاضل محمد النحاس المصري فقال فيه:
لبدر الدين بين الناس فضل ... فمذهبه الصحيح بلا اعوجاج.
فأشرق في سماء العلم بدرا ... فأطفأ نوره نور السراج.
وفي ذي القعدة توجه السلطان إلى بولاق التكرور فاجتاز من الصليبة وقناطر السباع وفم الخور، وكان عادة السلاطين قبله من زمن الناصر لا يظهرون إلا في الأحيان ولا يركبون إلا من طريق الجزيرة الوسطانية، ثم تكرر ذلك منه وشق القاهرة مراراً، وجرى على ما ألف في زمن الإمرة. وأبطل كثيراً من رسوم السلطنة، وأخذ من بعده بطريقته في ذلك إلى أن لم يبق من رسمها في زماننا إلا اليسير جداً.
وفيه استسلم الظاهر أبا الفرج الذي استوزره بعد ذلك، وكان كاتب الحوائج خاناة