للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفى تاسع عشرى ذى الحجة قدم إبراهيم بنُ السلطان المؤيّد من السفر.

* * *

وفي ذى الحجة كانت الفتنة بدمياط، وكان واليها ناصرُ الدين محمد السلاخوري سيّء السيرة غايةً في الظُّلم والفسق، كثير التسلُّط على نساء الناس وأولادهم، فتعرّض لناسٍ يقال لهم السنانية يتعيّشون بصيد السمك من بحيرة تنيس، ومساكنهم بجزائر يقال لها "العُرَب" -بضمّ العين وفتح الزاى بعدها باءٌ موحدة- فأَنفوا من سوءِ فعله وفُحْشِ سيرته فتجمّعوا ليوقعوا به ففرّ إلى داره فحاصروه بها فرماهم بالنّشاب، فقُتل منهم واحد وجُرح ثلاثة، فازْداد حنْقُهم وتكاثروا إلى أن هجموا عليه، فهرب في البحر في سفينةٍ إلى الجزيرة فتبعوه وتناوبوا ضرْبه وردّوه إلى البلد وحلقوا نصف لحْيته وشهروه على جمل والمغاني تزفّه، ثم قتلوه، ثم أخرجوا الوالى من الحَبْس وأرادوا إثبات محضرٍ يوجبُ قتله، فبادر سفهاؤهم فقتلوه وسحبوه وأحْرقوه بالنار ونهبوا داره وسلبو حريمه وأولاده، فقُتل من أولاده صغيرٌ في المهد، وقيل مات من الرجفة، فكانت هذه الكائنة من الفضائح.

* * *

وفي تاسع عشرى ذى الحجة طَرَقَ جمْعٌ من الحرامية -وفيهم فارسان- داخل القاهرة فمرّوا على باب الجامع الأزهر ووصلوا إلى رحبة (١) الأَيدمرى، فنهبوا عدة حوانيت وقتلوا رجلين ورجعوا إلى حارة الباطليّة فتوزَّعوا فيها ولم يتبعهم أحدٌ، فكانت من الفضائح أيضا (٢).

* * *

وفيها -في أواخرها- مالت المئذنة التي بُنِيَتْ على البُرْج الشمالي بباب زويلة للجامع المؤيّدى وكادَتْ أن تسقط، واشتدّ خوف الناس منها وتحوّلوا من حواليها، فأَمر السلطان بنقضِها فنُقِضتْ بالرفق إلى أن أمن شرها، وعامل السلطان من ولى بناءها بالحلم بعد


(١) رحبة الأيدمرى وتعرف برحبة البدرى نسبة للأمير بيدمر البدرى، أنظر عنها المقريزي: الخطط ٢/ ٤٨.
(٢) فوق هذه الكلمة في نسخة هـ علامة إضافة وأمامها في الهامش "حتى إنهم تفرقوا بها واختفوا".