خلعته وقال له: إن العادة جرت أن القضاة يحضرون معهم بخلعهم! فقال: ظننت أنه يخلع عليهم من عند السلطان فلم أحضر بخلعتي، فلم يعجب ذلك السلطان فكأنه أراد تلافي خاطره فاستأذنه في إنشاد آبيات مدح له فيه فأذن له، فأنشده وهو قائم فأطال، فمل منه وقطع الإنشاد وركب الفرس ومضى وأظهر النفار لما ركب.
وفي حادي عشر ذي القعدة توجه السلطان إلى الوجه البحري للسرحة وانتهى إلى مريوط فنزل فأقام بها أربعة أيام فأعجبه البستان الذي هناك. وكان الظاهر بيبرس قد استجده هناك وكان كبيراً جداً وفيه فواكه عجيبة وآثار منظره بديعة وبئر لا نظير لها في الكبر وعليها عدة سواقي من جوانبها. وكان البستان المذكور قد صار للمظفر بيبرس ووقفه على الجامع الحاكمي، فتقدم السلطان إلى بعض خواصه باستئجاره وتجديد عمارته فشرع في ذلك، ورجع السلطان من الوجه البحري فأدركه عيد الأضحى بناحية وردان، فخطب به كاتب السر ابن البارزي وصلى به صلاة العيد وضحى هناك، وفقد الناس بالقاهرة ما كان يألفونه من تفرقة الأضاحي لغيبة السلطان والأمراء والله المستعان.
ووصل في الثاني عشر إلى البر الغربي فغدا إلى بيت كاتب السر بن البارزي