للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعاد واشتهر، ثم أُصيب بماله وكتبه بعد الفتنة اللنكية، وناب في القضاء، وعُيِن مرّةً مستقلًا فلم يتم ذلك، ووَلي إفتاء دار العدل، واختصر "المهمات"، ودرّس بأَماكن وأقبل على الحديث، ولم يَبقَ في الشام في أواخر عمره من يقاربه في رئاسة الفقه للشافعية إلا ابن نشوان، وهو ممّن أنشأَه الباعونى (١) فى ولايته القضاء الأُولى فلم يزل بعد ذلك في ارتفاع؛ وكان يرجع إلى دينٍ وعفة من صغره مع علوّ همةٍ ومروءةٍ ومساعدةٍ لمن يقصده مع عجلة فيه، مع عفة فى القضاء وحسن عقيدة وسلامة باطن، وكان صديقنا المرجاني يقرظه ويفرط فيه؛ وجاور في آخر أمره بمكة فمات بها منطويا (٢) في شوال وله اثنتان وستون سنة.

كتب على "الحاوى" و "جمع الجوامع" واختصر "المهمات" اختصارًا حسنًا، وأجاز لولدي محمد، وبلغني أن صديقه نجم الدين المرجاني -صاحِبَنا- زاره في النوم فقال له: "ما فعل الله بك؟ " فتلا عليه: ﴿يَالَيْتَ (٣) قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي﴾ الآية.

قال القاضي تقى الدين الأَسدى: "جرت له محنة سنة خمس وتسعين، وحجّ وجاور ثلاث مرات، وناب في الحكم بعد الفتنة اللنكية واستمرّ، وباشر المرستان والجامع فانحط بسبب ذلك، وكان فصيحا ذكيًّا جريئًا مقدامًا، وبديهته أحسن من رؤْيته، وطريقته جميلة، وباشر الحكم على أحسن وجه.

٢ - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد المطرى المدنى، سمع من العزِّ بن جماعة، وعنى بالعلم، وكان يذاكر بأَشياء حسنة وتزهّد ودخل اليمن فأَقام بها نحوًا من عشرة أعوام، وكان يُنسب إلى معاناة الكيمياء. مات في أول ذي الحجة (٤).


(١) أمامها في هامش ث بخط السخاوى: "ذكره المؤلف في معجمه وابن قاضي شهبة".
(٢) في ث، وفى هـ، والضوء اللامع ١/ ٣٥٦ "مبطونا".
(٣) قرآن كريم ٣٦: ٢٦.
(٤) وكان ذلك عند القاضى ابن العراق في مدينة حلس كما جاء في الضوء اللامع، ج ١ ص ٣٢٢ - ٣٢٣.