وغنموا منهم، وكان غالب العسكر مع ذلك مقيما في المراكب خشية أن يكيدهم الفرنج بأن يملكوا عليهم البحر، ثم بلغهم أن صاحب قبرس تجهز لهم في جمع كثير، فتوجهوا في المراكب إلى جهة طرابلس، فرمتهم الريح إلى الطينة مقابل دمياط وكاتبوا السلطان بذلك، فأذن لهم في دخول دمياط فدخلوها في شوال، ثم أذن لهم في دخول القاهرة فدخلوها ومعهم عدة من السبى نحو الألف رأس، فتسلم السلطان جميع الغنيمة وفرق في الجيش مالا من عنده، وشاع الخبر أن صاحب قبرس كاتب نائب الشام في طلب الصلح، وكان ما سيأتي ذكره.
[ذكر غزاة قبرس الأولى]
سنة ثمان وعشرين وثمانمائة.
تقدم في حوادث سنة سبع ما وقع من الوقعة بين المسلمين وبين الفرنج في ساحل اللمسون المتصل بجزيرة قبرس، فلما رجعوا بالغنيمة والأسرى أمر الأشرف بتجهيز الأغربة والإستكثار منها، فجد في ذلك وأرسل إلى طرابلس والإسكندرية ودمياط وبيروت، وأمر بتركيز الجند في السواحل حفظا لها من عادية الفرنج، فاتفق أن جابوش صاحب قبرس جهز غرابا وسلورة وشحنهما بالرجال والعدد، وأمرهم بتتبع السواحل ونهب ما استطاعوا وإفساد ما قدروا عليه، فلم يبلغوا من ذلك غرضا لحفظها بالجند، فاتفق أنهم احتاجوا إلى الماء فانتهوا إلى مكان يقال نهر الكلب، فلما رآهم الحرس كمنوا لهم، فلما لم يروا أحداً دخلت السلورة النهر وهو ضيق فخرج عليهم الكمين فأحرقوها وأسروا من فيها ورجع من في الغراب إلى قبرس، ولما تكاملت العمارة جهز الأشرف الجند، وتوجه صحبتهم من المطوعة عدد كثير، وركب إلى الساحل فعرض الجميع وسافروا إلى دمياط، وكان جابوش - صاحب قبرس - جهز أميراً يقال له باله في تسعة أغربة، فوقف على فوهة دمياط يمنع أغربة المسلمين من الدخول في البحر الملح فوقف هناك، فصادف مجئ العمارة من الإسكندرية فقصدوهم فانهزموا منهم بغير قتال، وسافر الجميع من فم دمياط إلى طرابلس فانضم إليهم المراكب المجهزة منها ومن بيروت، واجتمع