في أول يوم الجمعة دخل برهان الدين بن جماعة دمشق قاضياً وكان ولي في ذي القعدة سنة خمس بعد موت ولي الدين بن أبي البقاء، فخرج نائب الشام لتلقيه إلى خان العقبة، وهو شيء لم يعهد منذ دهر، ثم لبس الخلعة، ومدحه فتح الدين بن الشهيد بقصيدة قرأت عليه، ومدح بعده بعدة قصائد.
وفيها قدم زكي الدين الخروبي من المجاورة فأهدى للسلطان هدايا جليلة ولغيره من الأمراء، ووقع بينه وبين شهاب الدين الفارقي أحد أعيان التجار اليمنيين وهو أخو شرف الدين وزير صاحب اليمن فترافعا إلى السلطان فنسب الفارقي زكي الدين إلى أمور معضلة فأخرج الخروبي كتاب الأشرف صاحب اليمن إليه وضمنه كتاب من الفارقي يقول فيه: إن مصر آل أمرها إلى الفساد وليس بها صاحب له قيمه فلا ترسل بعد هذه السنة هدية فإن سلطانها اليوم أقل المماليك وأرذلهم فأمر السلطان بالقبض على الفارقي وقطع لسانه فتسلمه شاد الدواوين وصودر ثم شفع في لسانه فأطلق ولم يلبث بعد ذلك أن عمي، وخلع على زكي الدين خلعة معظمة واستقر كبير التجار.
وفيها خرج موسى بن أبي عنان المريني على أبي العباس بن أبي سالم، وكان أبو العباس قد حصر أبا حمو بتلمسان وخرب قصورها فسار عنها فرجع إليها أبو حمو فتنكر له ابنه أبو تاشفين فخرج أبو حمو ليصلح الأعمال فجاهره أبو تاشفين بالعصيان وقبض عليه بتلمسان وسجنه وأخذ ماله واعتقله بوهران.
وفيها قدم بيدمر نائب الشام غلى القاهرة فأكرمه السلطان وقبل منه هديته وتقدمته ورده إلى نيابته مكرماً.