للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها من الأمراء والجند والمطوّعة ومن العشير والزعر عدد كثير، ثم راسل كبيرهم - وهو جِرْبَاش الكَريمي - جَانُوسَ في الدخول في الطاعة فامتنع، فسافروا إلى جهته فوصلوا إلى الماغوصة، فطلع الخيالةُ وأكثر المُشاة وضربوا خيامهم بالبر، فحضر رسول من صاحب الماغوصة ومعه ضيافة وقال إنه في الطاعة، فأعطوه أمانا وركبوا في الحال، فداسوا من قدروا عليه وأوسعوهم تخريبًا وتحريقًا وكان ذلك في رمضان، وأَوقع (١) الله الرعب في قلوب الذين كفروا حتى كان الثلاثة من المسلمين يدخلون الضيعة وفيها ما بين المائة والخمسين فلا يمتنع عليهم أحد.

ثم صادفهم أَخو جانوس في ألف فارس وثلاثة آلاف رجال غير الكمناء، ثم إنه قُذف في قلبه الرعب فرجع بمن معه، ولما تمّت لهم في الماغوصة أربعة أيام وقد أوسعوها نهبًا وأَسرًا (٢) قصدوا "الملَّاحة" وأحرقوا ما مروا عليه إلى مكان يقال له "رأس العجوز"، فوجدوا هناك أميرا فأَسروا مَن معه وقتلوه، ثم صادفوا تسعة أَغربة وقرقورة مشحونةً مقاتلة، فلاقاهم المسلمون فانكسر للنصارى زورقٌ وفَرَّ من فيه إلى البر فأسرهم المسلمون.

وكان من تدبير صاحب قبرص أنه أرسل أخاه في الجبال وأرسل المقاتلة في البحر، فرجع أخوه بغير قتال وهزم الله أهل البحر، ووصلوا إلى الملَّاحة وضربوا خيامهم بها وشنَّوا الغارة في الضياع، وقتلوا الذى كان أميرًا على الملاحة، ويقال إنه كان شديدًا على أَسرى المسلمين، وكان يقال له "عين الغزال".

وكان جانوس أمده بأربعة أحمال زَرْدْخاناة على عَجَل، فأحاط بها المسلمون، ثم جمعوا الغنائم والأسرى ورجعوا إلى المراكب إلى أن وصلوا إلى اللَّمْسُون فحاصروا الحصنَ الذي هناك فأَخذوه عنوةً وملأَوا أيديهم من الغنائم والأسرى وأَحرقوا الحصن، وكان ذلك في يوم الخميس مستهل شوال.


(١) إشارة إلى الآية الكريمة " ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ﴾ " سورة آل عمران ٣: ١٥١.
(٢) في هامش هـ بخط البقاعي: "تقدم أنهم أعطوا أهلها أمانا" انظر أعلاه، س ٣ - ٤.