للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أَوائل المحرّم برز شيخ إلى المرج فأَقام بها، ثم أَرسل إلى القضاة في حادي عشره وأَرادهم على أَن يقطع الأَوقاف فتنازعوا في ذلك إلى أَن صالحوه بثُلث متحصَّل تلك السنة، وأَرسل إلى قلعة صرخد فحصّن بها أَهله وما يعزُّ عليه وملأَها بالأَقواتِ والسلاح، واستفتى العلماءَ في جواز مقاتلة الناصر، فيقال إِن ابن الحسباني أَفتاه بالجواز فنقم عليه الناصر بعد ذلك لما دخل دمشق وسجنه (١).

وكان ممَّنْ قام في ذلك أَيضا شمس الدين محمد التّبّاني وكان قد رحل من مصر إلى شيخٍ بدمشق فأَكرمه، وبلغ ذلك الناصر فأَهانه فيا بعد، ثم أطلق شيخ المسجُونين من الأُمراء بدمشق وأَرسل المحمدي إلى غزة، وشاهين وداود إلى الرملة، وقبض على يحيى بن لاق وكان يباشر مستأْجرات الناصر، [وقبض] علَى ابن عُبادة (٢) الحنبلي وصادره على مالٍ كثير، واستناب بدمشق تنكز بغا ونزل بالمرج.

ووصل الناصر إلى غزة في ثالث عشري المحرّم ففرّ المحمدي، ونزل تغرى بردى الرملةَ في حادي عشريه ففرّ منه شاهين ووصل هو والمحمّدي إلى شيخ، فتحوّل إلى داريّا فقدم عليه قرقماس بن أَخي دمرداش فارًّا من صفد، وكان الناصر استناب فيها ألطْنبُغا العثماني فقدمها (٣) ففرّ منه قرقماس؛ ثم قدم نائب حماة جانم في أَواخر المحرّم، فرحلوا جميعًا نحو صرخد، واستصحب [شيخ] جماعةً من التجار الشاميّين وأَلزمهم بعشرة آلاف دينار، فوصل ثاني يوم رحيله كتاب الناصر إلى مَن بدمشق بإِنكار أَفعال شيخ ويحث عليهم في محاربته لمخالفته أَمر السلطان.

* * *

وفي أَول صفر نَمَّ آقبغا دويدار يشبك على جماعةٍ من الأُمراء مثل علَّان وإينال المنقار وسودون بقجة وغيرهم من الظاهرية أَنهم يريدون الركوب على الناصر لتقديمه مماليكه عليهم، وكان جمال الدين الأُستادار وافقهم على ذلك ولم يعلم آقبغا بذلك، فماج العسكر ليلة الأَحد ثانيه واضطرب العسكر، وكثر قلقُ الناصر وخوْفُه إلى أَن طلع الفجر، وكان نادى في العسكر بالتوجّه إلى جهة صرخد لقتال شيخ فأَصبح سائرًا إلى جهة دمشق، وكان استشار


(١) انظر ص ٤٢٢، س ٤ - ٥.
(٢) في ت "سعادة".
(٣) في هـ "فقدم بها".