ومعه أخوه إبراهيم، فوصلا مقيدين فسجنا ببرج القلعة، وكان أخوهما أبو القاسم قد استقر في الإمرة وتوجه صحبة الحاج، وكان شرط عليه أن يبطل النزلة وهي أن عادة أكابرهم أن يستجير بهم الغريب ويسمونه نزيلاً، فغلب ذلك عليهم حتى صار من عليه حق يستنزل ببعضهم فيمنع من يطالبه حتى بالحق، وكثر البلاء بذلك وافرطوا فيه فرفع ذلك للسلطان، فشرط على هذا الأمير إن يبطل ذلك جملة ويعاقب من فعله، وكتب عليه بذلك التزام وحكم عليه به.
ذكر من مات
في سنة ست وأربعين وثمانمائة من الأعيان
أحمد بن محمد شهاب الدين بن محمد - الشيخ شمس الدين بن فهيد المصري المشهور بابن المغيربي - بالتصغير، ولد من أمة سوداء بعد الستين، ونشأ في حجر أبيه، وزوجه بنت الأمير أبي بكر بن بهادر، وكان بزي الترك، ولم يشتغل بعلم ولا تميز في شيء إلا أنه كان كثير المعاشرة للجند، وينفق عليهم بمعرفة لسانهم والانتساب إلى الفقراء، وولي في سلطنة الملك الظاهر جقمق مشيخة الدسوقية، وكثرت فيه الشكوى، وكان ممن يأكل الدنيا بالدين، ولا يتوقى من يمين يحلفها فيما لا قيمة له مع إظهار تحري الصدق والديانة البالغة، وكان يتوسع في المآكل والملابس من غير مادة، فلا يزال عليه الدين ويشكو الضيق؛ مات بعلة الدرب في ليلة الثامن من شهر ذي الحجة بعد ضعف ستة أشهر.
حسن بن نصر الله بن حسن بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الكريم البصروي الأصل ثم الفوي، كاتب سر مصر وناظر جيشها وخاصها ووزيرها وأستادارها ومشيرها، ولد في ليلة الثلاثاء ثالث ربيع الأول سنة سبعمائة وست وستين بفوة ونشأ بها، ثم تحول إلى الإسكندرية فباشر بها عدة جهات، ثم عاد إلى فوة فولي نظرها، ثم عاد إلى الإسكندرية فولي نظرها، ثم تحول إلى القاهرة فترقى بعناية يشبك الكبير في دولة الناصر، فولي الخاص ثم الوزارة ثم نظر الجيش إلى أن جاءت الدولة المؤيدية، فخرجت عنه الجيش وتولى الخاص ثم الوزارة، وصودر مراراً من غير إهانة، ثم ولي الخاص بعد انقضاء الدولة المؤيدية في زمن الظاهر ططر، واستمر في دولة الصالح محمد بن ططر ثم في دولة الأشرف إلى أن استقر أستادارا، وصرف عن الخاص بالقاضي كريم الدين بن عبد الكريم ابن كاتب جكم في أوائل جمادى الأولى سنة ٨٢٨، وعزل عن الاستادارية، وصودر هو وولده صلاح، وأخذ الأشرف منهما ستين ألف دينار، واستمر بطالاً في منزله، ثم ولي الأستادارية بعد سنين مرة ثانية فلم تطل مدته فيها وعزل، ثم ولي الأستادارية بعد سنين مرة ثانية فلم تطل مدته فيها وعزل، وولي آقبغا الجمالي الأستادارية عوضاً عنه، ولزم داره سنين إلى أن ولي كتابة السربعد موت ولده صلاح الدين فباشرها يسيراً، وعزله جقمق بصهره الكمال البارزي، ولزم البدر بيته إلى أن مات، وكان شيخاً طوالاً ضخماً جهوري الصوت حسن الشكالة مدور اللحية كريماً واسع النفس على الطعام فاضلاً، وطالت ايامه في السعادة هو وولده فصارا رؤساء مصر، وكان لا يسلم كل قليل من مصادره مع إنعامه وفضله على أعيان الدولة، وكان عنده بادرة خلق سيء مع حدة مزاج وصياح في كلامه، مات في هذه السنة بعد أن أقام ضعيفاً نحو السنتين بمرض يقال له الحمق والنسيان اختلط منه ذهنه، وحجب في منزله إلى أن مات في ليلة الأربعاء سابع ربيع الآخر -.
أيتمش الخضري كان من مماليك الظاهر برقوق - وتقرر خاصكيا، وولي إمرة غزة ثم ولي الأستادارية الكبرى في دولة الأشرف، وتنقلت به الأحوال وأصيب في جسده