للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ناظر الجيش ومَن معه ورجع المستقرّ إلى منزله (١)، وهرع الناس للسّلام عليه وحصل للمنفصل (٢) قَهْرُ عظيمّ لأنه لم يكن يظن أن ذاك يقع.

ووقع لناظر (٣) الجيش فى هذا اليوم إساءة من مملوك من مماليك السلطان، ثم تكرر ذلك وصار لا يركب إلا مع جماعة يحمونه من معرّته، وانخرمت تلك الحرمة، واتضعت تلك الكلمة، وجرى من جوهر الخزندار مع بعض الخاصكية كلام أغلظ له فيه، ونسبَه إلى أنه كان السّبب في تلك المظالم، وانحطّت منزلته جدّا، وعظم قَدْرّ جوهر الزمام، ولم يتأثر الخزندار لما قيل فيه ومشى على طريقته، وتسلّط كثيرٌ من الجند على ناظر الجيش وكرّروا الإساءة عليه بالقول والفعل والتّهديد، وكلما رام تلك الصفة التي كان عليها في زمن الأشرف عورض، والله الأمر.

وفي أوّله تصدّى الأمير الكبير نظام الملك للحكم بين الناس في كل يوم، فبسط العدل ولم يمنع أحدًا طَلَب الشَّرع من التوجّه حيث أراد من الحكّام، سواء أكان نائبًا أو مستقلًا، واستقر عنده شهاب الدين بن العطّار دويدارا، وكان عند تمر باى الدويدار - وهو مشكور السيرة كثير التودّد والعقل.

* * *

وفيها خَرج على الحاج عرب (٤) بلى فأخذوا نحوًا من ألفَى جمل كانت مع العرب من جُهَيْنة وغيرها، منها كثير من الحاج الغزاوي والشامي، ومعهم الكثير من بهار المصريّين وأمتعتهم وهداياهم، وذلك عند الأزلم، فأخذوا الجمال ورموا ركُّابها وأخذوا نفائس ما معهم، فوصل الكثير منهم حفاة عراة إلى بئر بالأزلم فمات الكثير منهم هناك (٥).


(١) الوارد في الحوادث ٧/ ٩ س ١٤ إن داره كانت بالمؤيدية ذاتها، وانظر ترجمته في رفع الإصر ٢/ ٢٤٦.
(٢) يعنى بذلك بدر الدين العيني.
(٣) جاء أمام هذا في هامش هـ بخط البقاعى التعليق التالى: "كان أول أمره كذلك فلما طالت مدته بالنظامية واستقرت قدمه في العظمة تغير فمنعني أنا من التوجه إلى الشرع في مخاصمة جرت بيني وبين منصور الطبلاوي واليى مصر في ولاية النظر على مسجد إلى أن خلصت منه بالحيلة على يد ابنه الناصر محمد"، ويقصد البقاعي بذلك السلطان جقمق. أما النظامية الواردة في كلامه فيعنى بها وظيفة "نظام المملكة". ولا نرى داعيا لهذه الاضافة التي أضافها البقاعي في الهامش.
(٤) بلى حي من اليمن وقال الجوهري عنه إنه قبيلة من قضاعة وانظر الحاشية التالية.
(٥) لم ترد الاشارة عند أبي المحاسن في حوادث هذه السنة إلى ما فعله عرب بلى وانما أشار إليها في حوادث شهر جمادى الأولى من السنة التالية حيث ذكر أن السلطان جهزسودون المحمدي وخلع عليه بنظر مكة وندبه، لقتال عرب بلى الذين فعلوا بالحجاج ما فعلوه في موسم السنة الحالية، راجع النجوم الزاهرة ١٥/ ٢٣٢. على أنه وردت اشارة دون تفسير تذكر في نفس المرجع ١٥/ ٢٣٢ أنه قدم أمير الحجاج اقبعا من مامش الناصري التركماني بعد أن حصل بالحاج من الغلاء مالا مزيد عليه … "وقد فعلت الأعراب بهم ما فعله التمرية مع أهل البلاد الشامية" أما هؤلاء الأعراب فقد نص ابن حجر في المتن أعلاه على أنهم عرب بلى الذين وردت الاشارة إليهم فى القلقشندي: نهاية الأرب، ص ١٨٠ فذكر أنهم بطن من قضاعة في القحطانية وانظر في هذه الحوادث: إتحاف الورى، ٤/ ١١٧، ١١٨. وأخبار سنة ٨٤٣ في مخطوطة عقد الجمان.