للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان السبب في تغيير نائب الشام عليه أَنه كان بدمشق حَمَّارات عليها ضمانٌ للنائب، فركب القاضي وأَمر بإغلاقها، فشَقَّ ذلك على النائب وأَحضر الضَّامن وخَلع عليه ونَادى له بالاستمرار، فنفر الناس من ذلك، واجتمع عند باب القاضي من لا يحصى كثرةً فركب القاضي والناس معه فكَسَرُوا أَوانى الخمر وأَراقوها، فغضب النائب من ذلك ورُفع الأَمر إلى السلطان أَن القاضي يقيم من يشهد بأَنّ فلانا الذي مات عن غير وارثٍ له وارث فيثبت ذلك ويتسلَّم المال، وأَنه حَصَل عنده من هذه الجهة أَموال كثيرة ممن ليس له وارث إلّا بيت المال، فتَغَيَّظ السلطان من ذلك، فلما وصل الأَمر بالكشف عليه بالغ النائب في نكايته ومكَّن عَدُوَّه منه وأقْدِم أبو أَشامة فَسَجَّل على نفسه أَنه ثبت عنده أَن في جهة القاضي نجم الدين بن حجى لبيت المال عشرين ألفَ دينار، وحكم بذلك ووصل حكمه بالقاضي الحنفى فنفَّذه، وطُولع السلطان بذلك فكتب باستخلاص ذلك من ابن حجى، فقدَّر الله تعالى في غضون ذلك موت النائب وانفرج الهم عن القاضي، وكُتب توقيعه من القاهرة باستمراره وغرم في ذلك مالا كثيرا.

* * *

وفى هذه السنة أُمِر بعمارة المدرسة الأَشرفية بالحريريين بجوار الوراقين وأُخذت الدور التي هناك وغالبُها أَوقاف، فتحيّل في إبطالها بوجوه مِنَ الِجيَل، وتَوَّلى القيام في تعميرها ناظرُ الجيش.

وفيها رُفع إلى الدويدار الكبير سُودُونّ مِن عبد الرحمن أَن القاضي جمال الدين الطَّنْبَدي المعروف بابن عَرَب: حَكَمَ مُحَاكَمَةٌ غير مُرْضية، فأَمر القاضيَ الشافعيّ بأَن يعزله. وأَقام في بيته بعد أَن أُهين بحضرة الدويدار، وعَزل القاضي عقب ذلك من النواب اثنَىْ عشر نفسًا، ثم لم يَفِدْ ذلك حتى أَمر أَن لا يزيد على عشرة نواب، فعُزل الجميع وأَبقى عشرةٌ أكثرهم أقاربُه وأصهاره، فكثر كلام المنفصلين فيه.

واتفق أَن القاضي المالكي كانت عنده محاكمة فأَرسل الدويدار طَلَبهَا وطَلَبَ نقيبه الجلال القَزْويني فامتنع، فأَغلظ الدويدار القول، فعزل القاضي نفسه ثم أُعيد بشرط أَن