محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح بن أبي بكر بن سعد، المقدسي الحنفي، القاضي شمس الدين ابن الديري، كان أبوه من التجار فولد له هذا في سنة إثنتين أو ثلاث وأربعين وسبعمائة، والديري نسبة إلى مكان ببردا من جبل نابلس، وتعانى الفقه والاشتغال في الفنون وعمل المواعيد، ثم تقدم في بلده حتى صار مفتيها والمرجوع إليه فيها، وكانت له أحوال مع الأمراء وغيرهم يقوم فيها عليهم ويأمرهم بكف الظلم واشتهر ذكره، فلما مات ناصر الدين بن العديم في سنة تسع عشرة استدعاه المؤيد فقرره في قضاء الحنفية بالقاهرة وكان قدمها مراراً، فباشرها بشهامة وصرامة وقوة نفس، ثم انمزج مع المصريين وساس الناس، وكان منقاداً لما رام به منه ابن البارزي، فلما كملت عمارة المؤيدية سأل السلطان أن يقرره في مشيختها، فأجابه بعد أن كان عين لها بدر الدين ابن الأقصراني، وظن ابن الديري أن السلطان لايخرج عنه القضاء فجاء الأمر بخلاف ظنه، فلما قرره في المشيخة قال له - ونحن نسمع: الآن استرحنا واسترحت - يشير بذلك إلى كثرة الشكاوى من الأمراء فيه، وقرر في قضاء الحنفية القاضي زين الدين التفهني، وكان ابن الديري كثير الإزدراء بأهل عصره، لا يظن أن أحداً منهم يعرف شيئا مع دعوى عريضة وشدة إعجاب، يكاد يقضي المجالس بالثناء على نفسه، مع شدة التعصب لمذهبه والحط على مذهب غيره - سامحه الله تعالى! مات في سابع ذي الحجة ببيت المقدس. وكان يأسف على فراقه يقول: سكنته أكثر من خمسين سنة ثم أموت في غيره! فقدرت وفاته به. وذكر العيني في تاريخه أنه زاد على التسعين، وليس كما قال فإنه كان يقول إن مولده سنة خمس وأربعين، فسألته عن سبب إختلاف قوله فذكر أنه لا يحققه وإنما يجيب بطريق الظن، والذي صدرت به الكلام هو الذي حصل من الإستقراء من مجموع