للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن العجائب أَن المذكور جرت له في سلطنة الظاهر جقمق في سنة ست وأَربعين (١) منافسة مع القاضي أَدَّت إلى أَن بعض الأَكابر حطَّ عليه فبالغ، فأَمر السلطان بنَفْيه، فلما حصل بالإسكندرية أَغلظ للنائب فأَنزله في مركبٍ يسير إلى الغرب ورئيسها إفرنجي، فوصل كتابٌ بالشفاعة فيه وإعفائه من التغريب، فعَوَّق النائبُ قراءةَ الكتاب إلى أَن تحقق أَن المركب سارت به، فقرأَ الكتاب وأَعاد الجواب بفوات الأَمر، ثم لم يُطَّلَع له على خبرٍ إلى أَن سطرت هذه الأَحرف في شعبان سنة (٢) سبع وأَربعين وثمانمائة، وجزم جماعةٌ بأَنه أُعدم، ولم يلبث القاضي بعده إلا يسيرًا وهلك (٣).

* * *

وفي رجب حضر الأستادار من الصعيد وصحبته شيءٌ كثير من الأَبقار والأَغنام، فجمَع الجزَّارين والغيطانيين وغيرهم لمشتراها، فاجتمعَ جَمْعٌ كثيرٌ في مركبٍ فغرقت فلم يسلم منهم إلا القليل وذلك في مبادئ زيادة النيل.

وكان الطاعون بالشام، حتى قيل إن جملةَ من مات في أيامٍ يسيرةٍ زيادة على خمسين ألفًا، ووقع الطاعون بدمياط فمات عدد كثير من الرقيق والأَطفال.

وفى رجب شكى نائب الشام من ابن حجى قاضي الشافعية ونَسَبَه إلى أمورٍ معضلة، فأُمر بالكشف عليه فنُدب لذلك بعض الجند وصحبته شمس الدين محمد الأَنصاري المدعو بأَبي شامة الدمشقى الذي كان أَمين الحكم عنده، فنقم عليه أمورا فعَزله فتوَجَّه إلى القاهرة فأَقام بها يغض من ابن حجى ويذكر مساوئه عند الأمراء وغيرهم، فلما وقعت هذه الكائنة ذكر بعضهم للسلطان أَن أَبا شامة يعرف مساوئ ابن حجى فسَفَّره ليكشف عليه.


(١) في هـ "وثلاثين"، وأمامها في هامشها بخط البقاعي: "إنما كان ذلك سنة أربع وأربعين وثمانى مائة في غير مرية في ذلك أصلا".
(٢) هذه إشارة صريحة إلى أن هذا القسم على الأقل من مخطوطة إنباء الغمر كتب في شعبان سنة ٨٤٧ هـ.
(٣) أمامها في هامش هـ بخط البقاعي: "كانت وفاة القاضي الذي فعل به ذلك الجمال الدماميني في ذي القعدة سنة خمس وأربعين".