للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السِّعرُ بسبب ذلك، ويقال إنها أَمطرت بمدينة المَحَلَّة من البرد الكبار ما يُتَعَجَّب منه، وهبَّتْ ريحٌ شديدة بمدينة إنْبابَة فهُدِم بسببها بيوتٌ كثيرة وقلعت أصول نخلٍ وشجر.

* * *

وفيه كائنة سرور المغربي المالكي، كان قدم من تونس إلى الاسكندرية وصار يذكر الناس ويقع في حقّ بعض الرؤساء، فتعصَّبوا عليه ومَنَعَه نائب الحكم من الكلام، فدخل القاهرة فسعى في عزل القاضي، فتعصّب كاتب السِّرِّ للقاضي، فخرج سرور إلى الحج ثم عاد فرفع إلى السلطان أنه رأى النبي في المنام وبين يديه خمسة: اثنين مسلسلين يرأسهم كاتب السر ابن الكويز، وأَنه مد يده إلى عينى ابن الكويز ففقأَهما وقال له: "افْسَدْتَ شريعتي"، وسعى في عزل الناظر والقاضي فأَمر بإحضارهما، فأَما الناظر فذَبَّ عنه صهرُه ناظرُ (١) الجيش، وأَما القاضي فحضر وصودر على مال.

وكتب سرور لبعض أَصحابه بالاسكندرية كتابًا يخبر فيه أَن النَّائبَ والنَّاظرَ والقاضي عُزلوا بسبب كلامه فيهم، فبلغ ذلك النائبَ فكاتبَ السلطانَ في أَمْره وحطَّ عليه فتعصّب له بعض الأَكابر، فأَمر السلطان بنَفْي سرور من الإسكندرية فوُكِّل به بالقاهرة وأُخرِج مُهَانًا إلى الإسكندرية، ثم أُنْزِل في مركب إلى الغَرْب فتوجّه إليها فوصل إلى صاحب تونس وأَخذ. منه كتابا بالشفاعة فيه، فلما وصل إلى الإسكندرية قَبَض عليه النائبُ وسَجنه وأَلزمه بالعودة إلى المغرب.

فاتفق أَن الذي كان أُرسل إلى الإسكندرية يحفظها من الفرنج كما سأَذكره بعد لما حصل الأَمان من الفرنج قُرر (٢) نائبًا بها، وهو أقْبُغَا التَّمْرَازي، وصُرف النائب الذي كان وهو أَسَندَمُر (٣) النُّورى، وخلص سرور من الشدة بذلك وأُفرج عنه، وأَرسل النائب الكتاب الذي استصحبه إلى السلطان فسكن الأَمر خصوصا بعد موت ابن الكفتى (٤).


(١) في هـ "ناظر الخاص".
(٢) في هـ "قرر نائبها، وفي هامشها و "أي نائبا بها".
(٣) كان استقراره في نيابة الإسكندرية في رجب من السنة الماضية وظل فيها حتى عزله السلطان عنها فغادرها إلى القاهرة في ١٤ شوال ٨٢٦، ولكن السلطان أمر بصرفه إلى دمياط بطالا "وكان ذنب أستدمر تفريطه في أمر جانبك الصوفي حتى فر من السجن" كما يقول أبو المحاسن في النجوم الزاهرة ٦/ ٥٦٩.
(٤) هكذا في جميع النسخ، وكذلك في هـ، لكن جاء في هامشها و "لعله الكويز".