وملأ آذانهم بالمواعيد، فشاع خبره في آخر السنة فكوتب نائب القدس يخبره فبحث عن قضيته إلى أن أطلع أن ابن عبد القادر شيخ العرب يعرفه فاستدعى به فأنكر أن يكون أطلع على مراده، وإنما وصل إليه شيخ معه عدة جمال يشبه أن تكون كتباً علمية، وأنه سئل أن يرسل معه من يجيره إلى أن يصل إلى مقصوده من تلك الجهة لضرورات عرضت له، فأرسل معه ناساً أوصلوه إلى جهة مقصده وفارقوه ولم يعرفوا المطلوب عنه؛ فكاتب نائب القدس بذلك ووصف الرجل بما دل على أنه الفرياني المذكور، وهذا الرجل قدم القاهرة قديماً وصحب كاتب السر ابن البارزي في حياة والده، وأكثر التردد إلى الشيخ تقي الدين المقريزي، وواظب الجولان في قرى الريف الأدنى يعمل المواعيد ويذكر الناس، وكان يستحضر من التاريخ والاخبار الماضية شيئاً كثيراً ولكنه كان يخلط في غالبها ويدعي معرفة الحديث النبوي ورجال الحديث، ويبالغ في ذلك عند من يستجهله، ويقصر في المذاكرة عند من يعرف أنه من أهل الفن، وراج أمره في ذلك دهراً طويلاً، ثم صحب الأمير زين الدين عبد الرحمن بن الكويز وانقطع إليه مدة ثم فارقه، وكان قبل ذلك تحول عن مذهب مالك وادعى أنه يقلد الشافعي، وولي قضاء نابلس بعناية القاضي كمال الدين ثم صرف عنها، فانقطع إلى ابن الكويز وهجر الكمال إلى أن بدا ما ذكر؛ وكوتب نائب القدس بأن يجهز إليه من يقبض عليه ويرسله إلى القاهرة، وكان بروز الأمر بذلك في العشر الأخير من هذا الشهر.