للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٠ - محمد بن خطيب قارا (١)، الشيخ شمس الدين، كان متموّلًا، ولى قضاء صفد وحماة وغيرهما يتنقَّل في ذلك، وفي أواخر أمره تنجّز مرسومًا من السلطان بوظائف الكُفْرِى ونيابة الحكم بدمشق، وقدمها (٢) فوجد الوظائف انقسمت بين أهل الشام فجمع أطرافه وغرم على السعى في قضاء دمشق، وركب البحر ليحضر بما جمعه إلى القاهرة فغرق وذهب ماله، وذلك في رجب منها (٣).

٢١ - يَشْبك بن عبد الله الأمير الكبير الساقي الأعرج الظاهري، اشتراه برقوق، وهو شاب ثم تأمّر في أول دولة الناصر فرج وخرج من القاهرة في كائنة جَكَمْ ونوروز ببركة الحبش فتنقل في تلك السنين في الفتن إلى أن قتل الناصر فصار من فريق نوروز فأرسله إلى قلعة حلب ليحفظها، وكان من إخوة ططر وقد صار من فريق المؤيد فلم يزل يراسله حتى حضر عند المؤيد، فلما قُتِل نوروز أراد المؤيد قتل يشبك فشفع فيه ططر فأعفاه من القتل وأمر بتسفيره إلى مكة بطالًا فتوجه إليها ودخل اليمن، ثم سعى له إلى أن عاد إلى القدس فأقام به بطالًا، فلما تمكن ططر من المملكة أمر بإحضاره فوصل إليه وهو بدمشق، وتوجه معه إلى حلب فأقام في حفظ قلعتها، ثم لما رجع وتسلطن أرسل إليه فحضر فأمره، ثم كان من كبار القائمين بدولة الأشرف وسلطنته، فرعى له ذلك وأسكنه معه في القلعة ثم صيره أتابك العساكر بعد قطع.

وكان من خيار الأمراء محبًّا في الحق وفى أهل الخير، كثير الديانة والعبادة، كارها لكثير من الأمور التي تقع على خلاف مقتضى الشرع.

توعك صبيحة موت جانِبِكْ فلم يزل يتنقل في المرض إلى أن مات السبت الثالث من جمادى الآخرة، واستقر في الأتابكية جَارْقُطْلى نقلًا من نيابة حلب، واستقر نور الدين بن مفلح على نظر المرستان بعد أن كان نور الدين الصَّفْطي قد سعى فيها ليعود إليها فلم يتم له بعد أن هُيّئَتْ خلعته، وكذا سعى فيها جماعة فبطل سعيهم.


(١) أشار مراصد الاطلاع ٣/ ١٠٥٦ إلى أنها قربة كبيرة على طريق حمص إلى دمشق.
(٢) أي أنه قدم إلى دمشق.
(٣) هذه الترجمة منقولة بنصبا في الضوء اللامع ١٠/ ٣٥٥.