للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه صُرف معين الدين بن شرف الدين -موقّعُ الدست ونائبُ كاتب السرّ- عن كتابة السرّ بحلب وأذن له في الرّجوع إلى القاهرة، واستقرّ فيها زين الدين عمرُ بن السفاح نقْلًا من نظر الجيش، واستقرّ في نظر الجيش سراج الدين عمر الحمصي الذي كان ولي القضاء بدمشق في أيام الاشرف بعد طرابلس، وكان أوّلًا ينوب فى الحكم بأسيوط بالصعيد، وسيرته مشهورة غير مشكورة، ثم صُرف عن ذلك.

* * *

وفى العشر الأول من رمضان عصى نائب الشام إينال الجكمي، وقَبض على الحاجب الكبير بدمشق، وحَصَر القلعة بمن فيها، وأظهر الإنكار على السّلطان في قتْله قرْقماس القَتْلةَ الشنيعة. وكان قبل ذلك وصله كتاب (١) من تغرى بَرْمُش النائب بحلب أنه عصى وهجم على الحاجب ليقبضه ففرّ منه إلى حماة فحصر القلعة، ورام الاستيلاء عليها، فأظهر النائب بالشام الإنكار على نائب حلب وجهز كتابه إلى السلطان خداعًا، فلما حضر عنده الأمراء ليشاورهم على التوجّه إلى حلب للقبض على النائب بها ظنّوا ذلك على ظاهره، فحضروا بغير أهبة، فقبض عليهم، وبلغ ذلك نائبَ القلعة فرضى عليه.

ولمّا قبض على الأمراء أطلق مَن وافقه على مراده وحلّفه، وسجن مَن امتنعَ، وكلّ ذلك في العشر الأول من شهر رمضان، ثم جَمع من أموال المقبوض عليهم جملةً، وقبض على جماعة من التجار الأكابر، وأخذ منهم أموالًا اقترضها وشرع فى استخدام العساكر، وفرّ منه يونس أحد الأمراء وتشاوروا، فاقتضت الآراء التوجه لجهة الأمير الكبير، كما سيأتي ذكره.

* * *


(١) أشار أبو المحاسن في تاريخه ٧/ ٦٣ إلى هذا الكتاب وأنه مؤرخ بثاني رمضان متضمنا أنه في الثالث والعشرين من شعبان لبس الأمير حطط نائب القلعة ومن معه بالقلعة السلاح وقاموا على سور القلعة ونصبوا المكاحل وغيرها، وأمروا من تحت القلعة من أرباب المعايش وسكان الحوانيت بالنقلة من هناك وأنه لما رأى ذلك بعث يسأل حطط عن سبب هذا فلم يجبه إلى أن كان ليلة التاسع والعشرين منه (أي من شعبان) ركب الأمير قطج أتابك العساكر والأمير بردبك الحاجب في عدة أمراء لابسين السلاح ووقفوا تحت القلعة فبعث إليهم جماعة من عسكره فكانت بين الفريقين وقعة هائلة انهزم فيها قطج.