للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما جهز الأشرف [برسْبَاى] الأمراء وفيهم جقمق -الذي تسلطن بعد ذلك- إلى الأبلُسْتَيْن لإخراج ناصر الدين بن ذلغادر وهو الذي صاهره جقمق بعد السلطنة على ابنته وقدم بها إلى القاهرة، فلما أحسّ بهم نزح عن البلاد وعادوا إلى حلب ثم توجّهوا إلى مصر، ثم راسل نائبُ حلب المذكورُ الأشرفَ بأن يجّهز إليه عسكرًا لأخذْ أرزنكان وما يليها من القلاع، فجهز ثمانية أمراء مع نُوَّاب الشام (١) وطرابلس وصفد وحماة، فاجتمعوا فافتتحوها في السنة المقبلة ورجعوا إلى حلب، فبلغتهم وفاة الأشرف فوقعت الوحشة، وتوجّه الأمراء إلى بلادهم ووصل المصريون إليها.

فلما تسلطن الظاهر جَقْمَق وصلت الخلعة من جهته إلى نائب حلب فلبسها وأظهر الطاعة، ثم أخذ في العصيان وطمع في المملكة.

* * *

وفيه جاء الخبر بقتل ابن جنقر التركماني، وكان فاتكا يقطع الطرقات بين دمشق وحلب، وفرح الناس بذلك.

وفيه فتك الأشرفُ إسماعيلُ صاحبُ اليمن بجماعةٍ مِن جنده، وأسرع في سفْك دمائهم، وجرى -في أمر التجار والباعة في البلاد التي تحت نظره- على سيرة الجوْر والظلم الفاحش من قبح المصادرة ونحو ذلك.

* * *

وتراءى الناس الهلال ليلة الأحد وكانت بالعدد الثلاثين من شعبان فلم يروه، فلما كان بعد صلاة العشاء بثلث ساعة حضر كتاب من نائب الحكم -وهو المحبّ البكري- وفيه أنه ثبت عنده، فنودي بالصّيام.

ووصل كتاب من نائب الحكم ببلبيس -في أول النهار- بمثل ذلك، وفى أثناء النهار من نائب الحكم بمنوف (٢) العليا كذلك. وكثر بعد ذلك من يخْبر برؤيته ويعتذر.

وحضر السّلطان سماعَ الحديث في أوّل يوم من شهر رمضان.

* * *


(١) في هـ بخط البقاعي "دمشق".
(٢) منوف العليا من المدن المصرية القديمة وقد عرف بها محمد رمزي في القاموس الجغرافي ق، ٢، ج ٢، ص ٢٢٢ - ٢٢٣ فذكر أنها وردت في قاموس جوتييه باسم Panoufris وأن املينو أوردها في جغرافيته باسم NANOUFRIS ثم أشار إلى اسمها عند ابن خرداذبة الذي سماها "بكورة منوف العليا" وهي تعرف اليوم باسم محلة منوف مركز طنطا.