وفيها كان الغرق ببغداد، زادت دجلة زيادة عظيمة وتهدمت دور كثيرة حتى قيل إن جملة ما تهدم من الدور ستون دار، وتلف للناس شيء كثير بسبب ذلك، ويقال إنه لم يبق من بغداد عامر إلا قدر الثلث، ودخل الماء الجامع الكبير والمدارس، وصارت السفن في الأزقة تنقل الناس من مكان إلى مكان ثم من تل إلى تل ثم يصل الماء إليهم فيغرقهم، وجرت في بغداد بسببه خطوب كثيرة، وخلا أكثر أهلها، ثم عاد من عاد فصار لا يعرف محلته فضلاً عن داره.
وفيها هبت ريح عاصفة حارة بسنجار فأحرقت أوراق الأشجار.
وفيها ورد إلى حلب سيل عظيم على حين غفلة وارتفع زيادة عن العادة فخرب بسببه دور كثيرة وخربت نواحي كثيرة بالرها والبيرة.
وفيها ولي فخر الدين عثمان البرقي ولاية القاهرة.
وفيها كان غرق بغداد، وامتدت دجلة حتى اختلطت بالفرات وأرسلت إليها الأنهار والعيون والسحب من كل جهة حتى بقيت بغداد في وسط الماء كأنها قصعة في فلاة، وصارت الرصافة ومشهد أحمد ومشهد أبي حنيفة وغيرهما من المشاهد والمزارات لا يوصل إليها إلا المراكب، فصار أهل بغداد في أرغد عيش من كثرة النزه التي حدثت بذلك وانفتح من البستان الأربعين الذي كان الخليفة اتخذه منتزهاً في وسط دوره فتحة على باب الأزج فتدافع أمراء بغداد في سدها ورمى ذلك بعضهم على بعض، وكان الشيخ نجم الدين التستري في تلك الأيام قد عزم على الحج في خمسين نفراً من الصبوفية وقد هيأ من الزاد ما لا مزيد عليه، فاستدعى خادمه وقال: أنفق على سد هذه الفتحة جميع ما معنا حتى الزاد، ففعل،