وفي العشرين من المحرم درس ناصر الدين ابن العديم وهو شاب أول ما بلغ في المنصورية، نزل له أبوه عنها فحضره يشبك فمن دونه من الأمراء والقضاة وكان حينئذ أمرد، ونهب حاج المغاربة ومن انضمّ إليهم من الإسكندرية وغيرهم في رجوعهم بين المدينة وينبع.
وفيه أرسل قرا يلك رأس جكم إلى العجل بن نعير فأرسله إلى القاهرة فوصل إلى الشام في المحرم.
وفي المحرم أرسل الناصر إلى نوروز في طلب الصلح، فأذعن لذلك وأرسل له الأمير بلاط الذي كان في أسره في العام الماضي، ثم أرسل نوروز تاج الدين ابن الزهري وعبد الملك ابن الشيخ أبي بكر الموصلي وجماعة إلى شيخ في طلب الصلح فلقوه في بحيرة قدس، فأعاد الجواب بالإذعان إلى الصلح، واعتذر لما طلب نوروز منه أن يشفع له إلى السلطان بأن يعطيه نيابة حلب بأن الأمر فات، ووصلت عساكر السلطان إلى غزة وشاع في دمشق أن شيخ يريد التوجه إلى دمشق، فاستعدّ له نوروز وبرز إلى سطح المزّة، وفي غضون ذلك وصل بكتمر جلق من ناحية طرابلس منهزماً، أوقع به شاهين الدويدار الشيخي، فأرسله نوروز إلى جهة شيخ مع عسكر فلم ينل طائلاً.
وفيها كملت عمارة قلعة دمشق وكان ابتداؤها في العام الماضي، وصرف على عمارتها مال كثير جداً، وظلم بسببه أكثر الخلق من الشاميين وغيرهم وعاد رسل نوروز إليه بأمر شيخ كما تقدم وبأنه وصلت إليه خلعة النيابة من السلطان، وكان خروج الجاليش من القاهرة وأنه لا يقاتل نوروز ولا يواقعه بل ينتظر مجيء السلطان،