للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى تصوّف الفلاسفة، فكان داعيةً إلى هذه البدعة يُعادى عليها ويقرِّب من يعتقد ذلك المعتقَد، ومَن عرَف أَنه حصل له نسخة "الفصوص" قرّبه وأَفضل عليه.

وأَكثرَ من النظم والتصنيف في ذلك الضلال المبين، إلى أَن أَفسد عقائد أَكثر أَهل زبيد إلَّا من شاء الله. ونظْمه وشعره يَنْعق بالاتحاد، كان المنشدون يحفظون شعره فينشدونه في المحافل يتقرّبون به إليه، وله تصانيف في التصوّف، وعلى وجهه آثار العبادة لكنه يجالس السلطان في خلواته ويوافقه على شهواته، إلَّا أَنه لا يتعاطى معه شيئا من المنكرات ولا يتناول شيئًا من المسكرات، وولى القضاءَ بعد الشيخ مجد الدين بسنتين (١).

وكان الناصر بن الأَشرف ترك القضاءَ شاغرًا هذه المدة ينتظر قدومي (٢) عليه بزعْمه فسعى فيه بعض الأَكابر للفقيه الناشري، فخشي ابن الردّاد أَن يتمكن الناشري من الإِنكار عليه في طريقته لأَن الناشري من أَهل السنة وشديدُ الإِنكار على المبتدعة، وكان يواجه ابنَ الردّاد بما يكره والشيخُ مجد الدين يداهنُه، فبادر إلى طلب الوظيفة من الناصر، والناصرُ لا يفرّق بين هذا وهذا ويظنّ أَن ابن الرداد عالِمٌ كبير، فولَّاه له مع كونه مزجيّ البضاعة في الفقه عديم الخبرة بالحكم، فأَظهر العصبية وانتقم ممن كان ينكر عليه بدعته من الفقهاء، فأَهانهم وبالغ في ردْعهم والحط عليهم فعوجل وصاروا يعدّون موته من الفرج بعد الشدّة. ومات في ذى القعدة وقد سمعتُ من نظمه. أَجازني في استدعاء أَولادي.

٣ - أَحمد بن علي بن أَحمد [بن (٣) عبد الله] القلقشندي الشافعي نزيل القاهرة، تفقَّه وتمهَّر وتعانى الكتب وكَتَبَ في الإِنشاء وناب في الحكم، وكان يستحضر "الحاوى"، وكتب شيئًا على "جامع المختصرات"، وصنَّف كتابا حافلًا سّماه "صبح الأعشى


(١) الوارد في الضوء اللامع ج ١، ص ٢٦١ أنه وليه بعده بثلاث سنوات.
(٢) أي قدوم ابن حجر العسقلاني.
(٣) الإضافة من الضوء اللامع ٢/.٢٥