للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي يوم الاثنين ثاني شهر ربيع الآخر استقرّ الشيخ وليّ الدين السفطي في نظر المرستان المنصوري، عوضًا عن القاضي محب الدين بن الأشقر، ولبس خلعة، ونزل وليس معه كبير أحد، واعتذر بأنّه تَعَمَّد ذلك حياءً من ابن الأشقر، ثم أرجف بأن السلطان يريد أن يخرج نظر الجيش أيضًا، فسعى جماعة، فاقتضى الحال استمراره، فخلع عليه يوم الخميس خامس الشهر خلعة استمرار، فركب ومعه الجماعة على العادة، فأظهر الناس السرور به.

* * *

وفي يوم الثلاثاء سافر برهان الدين اليونيني إلى قضاء حلب، عوضًا عن القاضي سراج الدين الحمصي، وكان الحمصي قدم في العام الماضي فاجتمع بالسلطان، فتغيّظ عليه وأهانه بالقول والتهديد، ثم قدّم هدية نفيسة فسكن الحال، ولما استهلّ الشهر طَلع للتهنئة، فأظهر له الإعراض فبادر فحلف أنه لا يسعى في القضاء بوجهٍ من الوجوه، ولزم بَيْتَهُ، لكنه يُكثِر الاجتماع بالأكابر على عادته.

* * *

وفي يوم الأحد العشرين من شهر ربيع الآخر الموافق الثاني من مسرى - آخر الشهور القبطية - أمطرت السّماءُ مطرًا يسيرا بعد العصر، بحيث ابتلّتِ الأرض، ودام ذلك إلى وقْت مغيب الشفق وكانت ظلمة وريح باردة، وهذا من المستغربات، وقد تقدّم قريبٌ من ذلك في حوادث سنة ثلاث وأربعين في رابع ربيع الأول (١).

* * *

وفي هذا الشهر عُزل جُلّبَّان نائب حلب، وقرّر عوضه نائب حماة، وقرّر - عوضًا عن نائب حماة - شادي بك أحد الأمراء المقدّمين بالقاهرة، ويقال: قرر دولات باي الدوادار الثاني في إمرة شادي بك، وقرّر الشهاب أحمد حفيد إينال اليوسفي دويدارًا ثانيا، وخلع على شادي بك، وجُهّز يُونُس البواب مُسَفّرًا لنائب حماة يحمله إلى حلب، ويتوجّه نائب حلب بطالًا إلى [مصر (٢)].

وكان السبب في عَزْل نائب حلب أنّ نائب القلعة شاهين - أحد أتباع السلطان حين كان أميرًا - أرسل يشكو منه أنّه تَعصب عليه مع القاضي الحنبلي علاء الدين بن مفلح، وأن ابن مفلح


(١) الصحيح أن ذلك كان في صفر ٨٤٣ وليس في ربيع الأول من تلك السنة. انظر ما سبق، ص ١٣٤، س ١٦ - ١٩.
(٢) فراغ في الأصول وقد أضفنا كلمة "مصر" بناء على ما ورد في النجوم الزاهرة ١٥/ ٣٦٨ من أن نائب حلب قاني باي الحمزاوي عزل وتوجه إلى مصر على إقطاع شادي بك المذكور.