للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم التَقتْ طلائع الفريقَيْن فرجحَتْ طليعةُ نوروز، و كان شيخ بِشَقْحَب فركب إليهم فداهمهم، فانهزم أصحاب نوروز واستعدّ نوروز للحصار وحَصَّن القلعة، فبعَث إليه المؤيّدُ مجد الدين قاضِيَ الحنابلة في طَلبِ الصلح فامتنع فوقعت الحرب، ووصل كزل نائبُ طرابلس فحمل بمَن معه فانهزم نوروز كعادته وامتنع بالقلعة، ومَلكَ المؤيّدُ البلد فنزل بالميدان وحاصَرَ القلعة إلى أنْ ضاق بنوروز الأمر ومال إلى طلب الصلح، فأرسل قمش فقرّر له الصلح ونزل هو ويشبك بن أزدمر وسودون كسا وبرسنبغا وإينال وغيرهم فقبض عليهم جميعًا وقُتِلوا في ليلتهم، وبَعث برأس نوروز إلى القاهرة فوصلوا بها في جمادى الأُولى فعُلقَت على باب القلعة صحبةَ جرباش (١) قاشق، وكان يومئذٍ أميرَ عشرة، وكان أوَّلَ ما تقدّم نوروز تقدمةً في صفر سنة سبع وتسعين في اليوم الذي تأَمَّر فيه شيخٌ طبلخاناه؛ ثم توجَّه المؤيّدُ إلى جهة حلب في ثامن جمادى الأُولى ثم توجه منها في آخر جمادى الآخرة إلى الأبلستين ودخل إلى ملطية وقَرّر قواعد البلاد، ووافاه نوّاب القلاع فقَرَّر من أراد وصرف من أراد صَرْفه، وقتل طوغان نائبَ قلعة الروم وقَرَّر فيها جانبك الحمزاوي ورجع إلى القاهرة.

واستناب في ملطية كزل، وفى حلب إينالَ الصصلاني، وفى حماة تنبك البجاسي، وفي طرابلس سودون من عبد الرحمن، وفى الكرك يشبك وقد صارت خرابًا من الفتن؛ ثم قدم دمشق فوصل في ثالث رجب فاستناب فيها قانباي (٢)، وسار إلى القدس فوصلها في أوّل شعبان ومضى إلى غزَّة فاستناب فيها طراباي، وسار منها فدخل سرياقوس في رابع عشرى شعبان وأقام إلى آخر الشهر، وعمل أوقاتًا بالقرّاء والمغنِّين والسماعات وفرَّق على أهل الخانقاه مالًا. وركب يوم الأربعاء سلخ شعبان فبات بالرّيدانية وأصبح يوم الخميس فعسكر وطَلع إلى القلعة فانتفَضَ عليه ألمُ رِجله من ضربات المفاصل فانقطع به مدّة.


(١) في هـ "شرباش قاشوق" ويلاحظ أن السخاوى في الضوء اللامع ٣/ ٢٧٢ نص على أنه يعرف بجرباش عاشق، وهذا وقد امتد به العمر حتى مات سنة ٨٦١ وقد شاخ. هذا وقد جاء في هامش ث التعليق التالي: "جرباش عاشوق هذا هو الأمير جرباش الكريمي أصله من مماليك الظاهر برقوق أعتقه في سلطته الأولى قبل واقعة منطاش والناصري، وتأمر عشرة في دولة الناصر وصار من جملة رءوس النوب الصغار، ثم رقاه المؤيد شيخ إلى إمرة طبلخاناة ثم قدمه فجعله من جملة الأمراء مقدمى الألوف، ثم نقله الأشرف برسباى إلى الحجوبية الكبرى عن جقمق الدوادار".
(٢) إلى هنا تنتهى الأوراق الساقطة من نسخة ك، راجع ما سبق ص ٣٢ حاشية رقم ٥.