له، وكان أعجوبة في جذب الناس إليه وإقامتهم عنده وانقطاعهم عن أهلهم خصوصاً المرد فإنه كان لا يحضر عنده أحد منهم ثم يستطيع أحد من أهله أن يستعيده، وممن اتفق له معه ذلك من أصحابنا الشيخ بدر الدين محمد بن إبراهيم البشتكي الشاعر المشهور فيما أخبرني به، وكان يكثر الثناء عليه، وذكر لي أنه نسخ له شيئاً كثيراً خصوصاً من تصانيف محيي الدين ابن العربي، وكان منقطعاً إليه إلى أن مات. واتفق من العجائب ما حكاه لي الشيخ نجم الدين البالسي أنه لما مات حضر جنازته في جملة خلق كثير فهو في أثناء دفنه وإذا باللاحد قد خرج من القبر أمرد جميل الصورة إلى الغاية فاشتغل الناس أو غالبهم بالنظر إليه وقضوا العجب من استمرار ملازمة هذا الجنس للشيخ حتى حين دفنه، ومات في ذي الحجة، أرخه ابن دقماق ليلة الأحد خامس ذي القعدة.
محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن السراج الزبيدي الحنفي، أحد الفضلاء، يكنى أبا يزيد، مات عن ثلاث وخمسين سنة.
محمد بن عبد الكريم بن محمد بن صالح بن هاشم الحلبي، ظهير الدين أبو محمد بن العجمي، سمع صحيح البخاري وسنن ابن ماجه والبعث لابن أبي داود من سنقر الزيني، وسمع مشيخة ابن شاذان من بيبرس العديمي، وسمع من غيرهما وحدث، مات في خامس عشر المحرم عن ثمانين سنة، لأن مولده كان سنة أربع وتسعين وستمائة، سمع منه شيخنا العراقي وأرخه، وسمع منه أيضاً ابن عساكر وأبو إسحاق سبط بن العجمي وهو أقدم شيخ له، والبرهان آخر من روى عنه وآخرون، وطلب بنفسه، كتب الطباق والأجزاء ونسخ كثيراً من الكتب بالأجرة، وكان يسترزق من الشهادة، فإذا طلب منه الإسماع طلب الأجرة لما يفوته من الشهادة بقدر ما يكفيه من القوت.