المطالع في مجلدة كبيرة اختصرها من المطالع وحررها، وأرخه في سنة ثلاث وسبعين فوهم. وقال فيه ابن حبيب: عالم علت رتبته الشهيرة، وبارع ظهرت في أفق المعارف شمسه المنيرة، وبليغ يثني على قلمه ألسنة الأدب، وخطيب تهتز لفصاحته أعواد المنابر من الطرب، كان ذا فضيلة مخطوبة، وكتابة منسوبة، وخبرة بالفنون الأدبية، ومعرفة بالفقه واللغة العربية، وله نظم المنهاج ونظم المطالع وعدة من القصائد النبوية، وهو القائل في الذهبي لما اجتمع به:
ما زلت بالطبع أهواكم وما ذكرت ... صفاتكم قط إلا همت من طربي.
ولا عجيب إذا ما ملت نحوكم ... فالناس بالطبع قد مالوا إلى الذهب.
ورأيت بخطه نسخة في مجلدة واحدة من صحيح البخاري في غاية الحسن، وتصدر بالجامع الأموي، وولي تدريس الفاضلية بعد ابن كثير، وكان التاج السبكي أسكنه بدار الحديث الأشرفية فاستمر ساكناص بها إلى أن مات.
محمد بن محمد بن الشهاب محمود الحلبي، بدر الدين بن شمس الدين، ناظر الجيش والأوقاف بحلب، سمع على الحجار ومحمد بن أبي بكر بن النحاس وغيرهما وحدث، وولي عدة وظائف، مات وله خمس وسبعون سنة. أخذ عنه شيخنا العراقي وغيره، وكان جواداً مفضالاً ممدحاً.
محمد بن محمد الزفتاوي، ناصر الدين المؤذن، يلقب بساسب، كان عارفاً بالميقات، وباشر الرئاسة في ذلك بالجامع الأزهر وبجامع القلعة، واتصل بالأشراف شعبان وحظي عنده، ومات في شهر رجب.