وفي يوم الاثنين خامس عشر شهر رجب استقر في قضاء الشافعية القاضي صدر الدين محمد بن إبراهيم المناوي وهي الولاية الثالثة وصرف القاضي تقي الدين عبد الرحمن بن محمد الزبيري ولم يعد الزبيري إلى المنصب بعدها وكان محمود السيرة في ولايته، وكان السبب في ولايته أن أصيل الدين محمد بن عثمان الأشلمي كان ولي قضاء الشام وصرف شمس الدين الأخناي واستناب أصيل الدين شهاب الدين ابن حجي في الحكم والخطابة ومشيخة الشيوخ فباشر عنه من نصف رمضان ثم توجه الأصيل، ويقال إنه بذل في ذلك مالاً كثيراً جداً استدان أكثره ثم حضر أصيل الدين وباشر بنفسه ثم صرف فسعى في هذه الأيام في قضاء الشافعية بالقاهرة، وقيل إن ذلك كان بمواطأة القاضي صدر الدين لينفتح له باب السعي في العودة، فلما كاد أمر أصيل الدين يتم قيل للملك الظاهر إن كان ولا بد من عزل الزبيري فاعد صدر الدين فهو أمثل من أصيل الدين، فوقع ذلك واجتمع له من لا يحصى فرحاً به بحيث امتلأت القلعة والقصبة من الفقهاء والجند وغيرهم وأظهروا من الفرح به ما لا يعبر عنه.
وقرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري: لم يزل فتح اله من حين ولي كتابة السر يعمل على عزلي وأعانه على ذلك ابن غراب بعناية المحلي التاجر إلى أن أجابهم السلطان، وكان يقول: أنا أعرف أن الزبيري رجل جيد ولكني أريد أخذ مال المناوي ولما استقر شرع في التنقيب علي في أسام مباشرتي، وحصل منه الضرر لكثير من الناس لا سيما من يلوذ بي، وفاوض السلطان في شيء من ذلك فأذن له.