للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠ - باب منه وما جاء أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وهم من شرّ الناس له

روى أبو هدبة، إبراهيم بن هدبة، قال: حدّثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «إن العبد الميت إذا وضع في قبره وأقعد» قال: «يقول أهله: وا سيداه وا شريفاه وا أميراه» قال: «يقول الملك: اسمع ما يقولون، أنت كنت سيدا؟ أنت كنت أميرا؟ أنت كنت شريفا؟» قال: «يقول الميت: يا ليتهم يسكتون» قال: «فيضغط ضغطة تختلف فيها أضلاعه» (١).

[فصل]

قال علماؤنا رحمة الله عليهم: قال بعض العلماء أو أكثرهم: إنما يعذب الميت ببكاء الحي إذا كان البكاء من سنّة الميت واختياره، كما قال:

إذا متّ فانعيني بما أنا أهله … وشقّي عليّ الجيب يا ابنة معبد

وكذلك إذا وصّى به. وقد روي ما يدل على أن الميت يصيبه عذاب ببكاء الحي عليه، وإن لم يكن من سنته، ولا من اختياره، ولا مما أوصى به. واستدلوا بحديث أنس المذكور، وبما روي من حديث قيلة بنت مخرمة، وذكرت عند النبي ولدا لها مات ثم بكت، فقال رسول الله : ««أيغلب أحيدكم أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفا، فإذا حال بينه وبين من هو أولى به منه استرجع؟» ثم قال:

«اللهم أثبني فيما أمضيت، وأعني على ما أبقيت، فوالذي نفس محمد بيده إن أحيدكم ليبكي فيستعبر له صويحبه، يا عباد الله لا تعذّبوا موتاكم». ذكره ابن أبي خيثمة، وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهما (٢). وهو حديث معروف إسناده لا بأس به وسياقه يدل على أن بكاء هذه لم يكن من اختيار لابنها لأن ابنها صاحب من أصحاب رسول الله . ولا كان هذا البكاء المعروف في الجاهلية الذي كان من اختيار الميت ومما يوصي به.

وذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب «الاستيعاب» من حديث أبي موسى


(١) حديث ضعيف؛ لأجل إبراهيم بن هدبة.
(٢) أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (٢/ ٥٨/١) الطبعة القديمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>