للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوشك أن يأتي فيغربل الناس فيه غربلة يبقى حثالة من الناس قد مزجت عهودهم، وخفّت أمانتهم، واختلفوا فكانوا هكذا وهكذا» وشبّك بين أصابعه. قالوا: كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك الزمان؟ قال: «تأخذون بما تعرفون، وتدعون بما تنكرون، وتقبلون على خاصّتكم، وتذرون أمر عامتكم» (١) أخرجه أبو داود أيضا.

وخرّجه أبو نعيم الحافظ بإسناده عن محمد بن كعب القرظي، أن الحسن بن أبي الحسن حدّثه أنه سمع شريحا وهو قاضي عمر بن الخطاب، يقول: قال عمر بن الخطاب: قال رسول الله : «ستغربلون حتى تصيروا في حثالة من الناس قد مزجت عهودهم وخربت أماناتهم» فقال قائل: كيف بنا يا رسول الله؟ قال:

«تعملون بما تعرفون وتتركون ما تنكرون وتقولون أحد أحد انصرنا على من ظلمنا، واكفنا من بغانا» (٢). غريب من حديث محمد بن كعب والحسن وشريح، ما علمت له وجها غير هذا.

(النسائي) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله : «إذا رأيت الناس مزجت عهودهم، وخفّت أماناتهم، وكانوا هكذا وهكذا» وشبك بين أصابعه، فقمت إليه فقلت: له كيف أصنع عند ذلك يا رسول الله، جعلني الله فداك؟ قال: «الزم بيتك وأملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة» (٣) خرّجه أبو داود أيضا.

(الترمذي) عن أبي هريرة، عن رسول الله قال: «إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك، ويأتي على الناس زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا» (٤) قال: هذا حديث غريب. وفي الباب عن أبي ذر .

[فصل]

قوله: «يوشك» معناه: يقرب. وقوله: «فيغربل الناس فيها غربلة» عبارة عن موت الأخيار وبقاء الأشرار، كما يبقى الغربال من حثالة ما يغربله. والحثالة: ما يسقط من قشر الشعير والأرز والتمر، وكل ذي قشر إذا بقي، وحثالة الدهن تفله، وكأنه الرديء من كل شيء. ويقال: حثالة وحفالة بالثاء والفاء معا.

كما روى ابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «لتنتقون كما ينتقى


(١) أخرجه أبو داود (٤٣٤٢) وابن ماجه (٣٩٥٧). وصححه الألباني.
(٢) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٤/ ١٣٨).
(٣) أخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» (٢٠٥) وأبو داود (٤٣٤٣).
(٤) أخرجه الترمذي (٢٢٦٧)، وضعّفه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>