للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبث فيها إلى مثل تلك الساعة من اليوم السابع، ثم أفاق وكأن في عروقه الزعفران. ذكر هذا الخبر ابن ظفر الواعظ المكنى أبا هاشم محمد بن محمد في كتاب «النصائح».

وروي عن ابن عباس؛ أن إبراهيم - خليل الرحمن - سأل ملك الموت أن يريه كيف يقبض روح المؤمن، فقال له: اصرف وجهك عني فصرف، ثم نظر إليه فرآه في صورة شاب حسن الصورة، حسن الثياب، طيب الرائحة، حسن البشر، فقال له: والله لو لم يلق المؤمن من السرور شيئا سوى وجهك كفاه، ثم قال له: أرني كيف تقبض روح الكافر، فقال له: لا تطيق ذلك، قال: بلى أرني، قال: اصرف وجهك عني فصرف وجهه عنه، ثم نظر إليه فإذا صورة إنسان أسود رجلاه في الأرض ورأسه في السماء كأقبح ما أنت راء من الصور، تحت كل شعرة من جسده لهيب نار، فقال له: والله لو لم يلق الكافر سوى نظرة إلى شخصك لكفاه.

قال الشيخ المؤلف : وسيأتي هذا المعنى مرفوعا إلى النبي في الملائكة في حديث البراء وغيره إن شاء الله تعالى.

وقال ابن عباس أيضا: كان إبراهيم رجلا غيورا، وكان له بيت يتعبد فيه، فإذا خرج أغلقه، فرجع ذات يوم فإذا هو برجل في جوف البيت، فقال: من أدخلك داري؟ فقال: أدخلنيها ربها، قال إبراهيم: أنا ربها، قال: أدخلنيها من هو أملك بها منك، قال: فمن أنت من الملائكة؟ قال: أنا ملك الموت. قال: أتستطيع أن تريني الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن؟ قال: نعم، ثم التفت إبراهيم فإذا هو بشاب فذكر من حسن وجهه، وحسن ثيابه، وطيب رائحته، فقال: يا ملك الموت لو لم يلق المؤمن عند الموت إلا صورتك لكان حسبه، ثم قبض روحه .

[فصل]

قال علماؤنا رحمة الله عليهم: لا يتعجب من كون ملك الموت يرى على صورتين لشخصين، فما ذلك إلا مثل ما يصيب الإنسان بتغير الخلقة في الصحة والمرض، والصغر والكبر، والشباب والهرم، وكصفاء اللون بملازمة الحمام، وشحوبة الوجه بتغير اللون بلفح الهواجر في السفر، غير أن قضية الملائكة يجري ذلك منهم في اليوم الواحد والساعة الواحدة، وإن لم يجر هذا على الإنسان إلا في الأوقات المتباعدة والسنين المتداولة، وهذا بيّن فتأمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>