للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٧٧ - باب منه، وهل تفضل جنة جنة؟]

قال الله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ [الرحمن: ٤٦] ثم وصفهما، ثم قال بعد ذلك: ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ [الرحمن: ٦٢].

وعن ابن عباس في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ أي: بعد أداء الفرائض جنتان، قيل: على حدة؛ فلكل خائف جنتان. وقيل: جنتان لجميع الخائفين، والأول أظهر.

قال الترمذي محمد بن علي: جنة لخوفه من ربه، وجنة لتركه لشهوته.

والمقام: الموضع، أي: خاف مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية.

وقيل: خاف مقام ربه عليه، أي: إشرافه واطلاعه عليه، بيانه: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣].

وقال مجاهد والنخعي: هو الرجل يهمّ بالمعصية فيذكر الله، فيدعها من خوفه.

وروي عن ابن عباس، عن النبي أنه قال: «الجنتان بستانان في عرض الجنة، كل بستان مسيرة مائة عام، في وسط كلّ بستان دار من نور على نور، وليس منها شيء إلا يهتز نعمة وخضرة، قرارها ثابت وشجرها نابت». ذكره الهروي والثعلبي أيضا من حديث أبي هريرة.

وقيل: إن إحدى الجنتين أسافل القصور، والأخرى أعاليها. وقال مقاتل:

هما جنة عدن وجنة النعيم.

وقوله: ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ قال ابن عباس: أي: وله من دون الجنتين الأوليين جنتان أخريان. قال ابن عباس: ومن دونهما؛ أي: في الدرج، والجنات لمن خاف مقام ربه فيكون في الأوليين: النخل والشجر، وفي الأخريين: الزرع والنبات وما انبسط.

قال الماوردي: ويحتمل أن يكون ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ لأتباعه لقصور منزلتهم عن منزلته، إحداهما للحور العين، والأخرى للولدان المخلّدين ليتميز فيها الذكور من الإناث.

وقال ابن جريج: هي أربع جنان؛ جنتان منها للسابقين المقربين؛ فيهما من كل فاكهة زوجان وعينان تجريان، وجنتان لأصحاب اليمين؛ فيهما فاكهة ونخل ورمان، وفيهما عينان نضاختان.

<<  <  ج: ص:  >  >>