للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦٠ - باب ما ينجي المؤمن من أهوال القبر وفتنته وعذابه]

وذلك خمسة أشياء، رباط، قتل، قول، بطن، زمان.

الأول: روى مسلم عن سلمان قال: سمعت رسول الله يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن من الفتّان» (١). فالرباط من أفضل الأعمال التي يبقى ثوابها بعد الموت، كما جاء في حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاثة» (الحديث)، وقد تقدّم، وهو حديث صحيح، انفرد بإخراجه مسلم.

وكذلك ما أخرجه ابن ماجه وأبو نعيم من أنه يلحق الميت بعد موته، فإن ذلك مما ينقطع بنفاذه وذهابه، كالصدقة بنفاذها، والعلم بذهابه، والولد الصالح بموته، والنخل بقطعه، إلى غير ذلك مما ذكر. والرباط يضاعف أجره لصاحبه إلى يوم القيامة لقوله : «وإن مات أجرى عليه عمله» وقد جاء مفسرا مبينا في كتاب الترمذي عن فضالة بن عبيد، عن رسول الله قال: «كلّ ميت يختم على عمله إلاّ الذي مات مرابطا في سبيل الله، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويأمن من فتنة القبر». قال حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داود بمعناه وقال: «ويؤمن من فتان القبر» (٢).

ولا معنى للنماء إلا المضاعفة؛ وهي غير موقوفة على سبب فتنقطع بانقطاعه، بل هي فضل دائم من الله تعالى، لأن أعمال البر لا يتمكن منها إلا بالسلامة من العدو، والتحرز منهم بحراسته بيضة الدين وإقامة شعائر الإسلام، وهذا العمل الذي يجري عليه ثوابه، هو ما كان يعمله من الأعمال الصالحة، وخرّجه ابن ماجه بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن رسول الله قال: «من مات مرابطا في سبيل الله أجرى الله عليه عمله الصالح الذي كان يعمل، وأجرى عليه رزقه، وأمن من فتنة القبر، ويبعثه الله آمنا من الفزع الأكبر» (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٩١٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٥٠٠) والترمذي (١٦٢١)، وصححه الألباني في تخريج «المشكاة» (٣٨٢٣).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٧٦٧) وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» (٢٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>