للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقول: لا. فيقول: أنا عملك كان قبيحا فلذلك تراني قبيحا، وكان منتنا فلذلك تراني منتنا، فطأطئ رأسك أركبك، فطالما ركبتني في الدنيا. فذلك قوله تعالى:

﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ (١) [النحل: ٢٥].

قلت: مثل هذا لا يقال من جهة الرأي، ومعناه يستمدّ من حديث قيس بن عاصم المنقري أن النبي قال: «إنه لا بد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريما أكرمك، وإن كان لئيما أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك ولا تبعث إلا معه، ولا تسأل إلا عنه، فلا تجعله إلا صالحا، فإن كان صالحا فلا تأنس إلا به، وإن كان فاحشا فلا تستوحش إلا منه؛ وهو فعلك».

وذكر أبو الفرج بن الجوزي في كتاب «روضة المشتاق، والطريق إلى الملك الخلاق»: قال رسول الله : «يؤتى يوم القيامة بالتوبة في صورة حسنة ورائحة طيبة، فلا يجد رائحتها، ولا يرى صورتها إلا مؤمن فيجدون لها رائحة وأنسا، فيقول الكافر والعاصي المصرّ: ما لنا ما وجدنا ما وجدتم، ولا رأينا ما رأيتم؟ فتقول التوبة: طال ما تعرضت لكم في الدنيا فما أردتموني فلو كنتم قبلتموني لكنتم اليوم وجدتموني فيقولون:

نحن اليوم نتوب فينادي مناد من تحت العرش: هيهات ذهبت أيام المهلة وانقضى زمان التوبة فلو جئتموني بالدنيا وما اشتملت عليه ما قبلت توبتكم ولا رحمت عبرتكم فعند ذلك تنأى التوبة عنهم وتبعد ملائكة الرحمة عنهم وينادي مناد من تحت العرش: يا خزنة النار هلموا إلى أعداء الجبار» (٢). وهذا بين فيما ذكرناه وبالله توفيقنا، والله أعلم.

***

[١٢٦ - باب يعرف المشفوع فيهم بأثر السجود وبياض الوجوه]

قد تقدّم من حديث أبي سعيد الخدري أن المؤمنين يقولون: «ربنا إخواننا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون أدخلتهم النار، فيقول لهم: اذهبوا فمن عرفتم أخرجوه». وذكر الحديث.

وخرّج مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي وفيه بعد قوله: «ومنه المجازى


(١) الأثر أخرجه نعيم بن حماد في زوائد «الزهد» (٣٦٦)، بإسناد ضعيف.
(٢) موضوع؛ أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>