للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال الله تعالى: أعط أخاك مظلمته. فقال: يا رب ما بقي من حسناتي شيء. فقال: يا رب فليحمل من أوزاري. وفاضت عينا رسول الله ، ثم قال: إن ذلك اليوم ليوم يحتاج الناس فيه إلى أن تحمل عنهم أوزارهم. ثم قال الله تعالى للطالب حقّه: ارفع بصرك فانظر إلى الجانان. فرفع بصره فرأى ما أعجبه من الخير والنعمة، فقال: لمن هذا يا رب؟ فقال: لمن أعطاني ثمنه. قال: ومن يملك ثمن ذلك؟ قال: أنت. قال:

بم إذا؟ قال بعفوك عن أخيك. قال: يا رب فإني قد عفوت عنه. قال خذ بيد أخيك فأدخله الجنة. ثم قال رسول الله : «فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة» (١).

وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: يجيء المؤمن يوم القيامة قد أخذه صاحب الدين، فيقول: ديني على هذا. فيقول الله تعالى: أنا أحق من قضى عن عبدي. قال: فيرضي هذا من دينه ويغفر لهذا.

وقال ابن أبي الدنيا: وحدّثني عبد الله بن محمد بن إسماعيل، قال: بلغني أن الله تعالى أوحى إلى بعض أنبيائه: بعيني ما يتحمل المتحملون من أجلي وما يكابدون في طلب مرضاتي، أتراني أنسى لهم عملا، كيف وأنا أرحم الراحمين بخلقي، لو كنت معاجلا بالعقوبة أحدا أو كانت العقوبة من شأني لعاجلت بها القانطين من رحمتي، ولو يرى عبادي المؤمنون كيف أستوهبهم ممن ظلموه، أحكم لمن وهبهم بالخلد المقيم في جواري؛ إذا ما اتهموا فضلي وكرمي.

[فصل]

قلت وهذا لبعض الناس ممن أراد الله أن لا يعذبه، بل يعفو عنه ويغفر له ويرضى عن خصمه، وقد يكون هذا في الظالمين الأوابين، وهو قوله تعالى:

﴿فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوّابِينَ غَفُوراً﴾ [الإسراء: ٢٥] والأوّاب: الذي أقلع عن الذنب فلم يعد إليه، كذا تأوله أبو حامد. وهو تأويل حسن. أو يكون ذلك فيمن يكون له خبيئة حسنة من عمل صالح يغفر الله له به، ويرضي خصماؤه كما تقدم. وظاهر حديث أنس الخصوص بذينك الرجلين لقوله: رجلان، ولفظ التثنية لا يقتضي الجمع، إلا ما روي في الحديث: «مثل المنافق كالشاة العاشرة بين الغنمين» (٢) خرجه مسلم. وليس هذا موضعه. ولو كان ذلك في جميع الناس ما دخل أحد النار. وكذلك ما روي عن النبي : «ينادي مناد من تحت العرش يوم القيامة: يا


(١) أخرجه الحاكم (٤/ ٥٧٦) بإسناد ضعيف.
(٢) أخرجه مسلم (٢٧٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>