للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسوته أمانا له ليطمئن قلبه. ويحتمل أن يكون ذلك لما جاء به الحديث من أنه أول من أمر بلبس السراويل إذا صلى مبالغة في التستر، وحفظا لفرجه من أن يماس مصلاّه، ففعل ما أمر به، فيجزى بذلك أن يكون أول من يستر يوم القيامة، ويحتمل أن يكون الذين ألقوه في النار جرّدوه ونزعوا عنه ثيابه على أعين الناس، كما يفعل بمن يراد قتله، وكان ما أصابه من ذلك في ذات الله ﷿، فلما صبر واحتسب وتوكل على الله تعالى؛ دفع الله عنه شر النار في الدنيا والآخرة، وجزاه بذلك العري أن جعله أول من يدفع عنه العري يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، وهذا أحسنها، والله أعلم.

وإذا بدئ في الكسوة بإبراهيم وثني بمحمد ؛ أوتي محمد بحلة لا يقوم لها البشر لينجبر التأخير بنفاسة الكسوة، فيكون كأنه كسي مع إبراهيم . قاله الحليمي.

وقوله: تجدون على أفواهكم الفدام، الفدام: مصفاة الكوز والإبريق، قاله الليث. قال أبو عبيد: يعني أنهم منعوا الكلام حتى تتكلم أفخاذهم، فشبه ذلك بالفدام الذي يجعل على الإبريق. قال سفيان: وفدامهم أن يؤخذ على ألسنتهم وهذا مثل.

***

٨٢ - باب منه وبيان قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾

(مسلم) عن عائشة قالت: سمعت رسول الله يقول:

«يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا» قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: «يا عائشة الأمر أشدّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض» (١).

(الترمذي) عن ابن عباس أن النبي قال: «تحشرون حفاة عراة غرلا» فقالت امرأة: أيبصر بعضنا، أو يرى بعضنا عورة بعض؟ قال: «يا فلانة لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه» (٢). قال حديث حسن صحيح.


(١) أخرجه البخاري (٦٥٢٧) ومسلم (٢٨٥٩).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>