قلت: وهذا الطريق وإن كان موقوفا فهو لا يقال من جهة الرأي، فهو محمول على أن النبي ﷺ قاله كما في الرواية الأولى، وكما خرّجه النسائي وابن ماجه في سننهما والبخاري في صحيحه، وهذا لفظ البخاري: حدّثنا جعفر بن عمر، قال: حدّثنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب، عن النبي ﷺ قال: إذا أقعد العبد المؤمن في قبره؛ أتى ثم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] الآية (١).
وخرّجه أبو داود أيضا في «سننه». فقال فيه: عن البراء بن عازب أن رسول الله ﷺ قال: «إن المسلم إذا سئل في القبر فشهد إن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ﴾. وقد مضى هذا المعنى في حديث البراء الطويل مرفوعا - والحمد لله.
وقد روى هذا الخبر، أبو هريرة وابن مسعود وابن عباس وأبو سعيد الخدري. قال أبو سعيد الخدري: كنّا في جنازة مع النبي ﷺ فقال: «يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دفن وتفرق عنه أصحابه؛ جاءه ملك بيده مطراق فأقعده فقال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا؛ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقول له:
صدقت، فيفتح له باب إلى النار، فيقول له: هذا منزلك لو كفرت بربك، وأما الكافر والمنافق فيقول له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: لا دريت ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذا كفرت؛ فإن الله أبدلك به هذا، ثم يفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة، يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين».
قال بعض أصحاب رسول الله ﷺ: ما أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلاّ هيل عند ذلك. فقال رسول الله ﷺ: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ﴾ [إبراهيم: ٢٧].
[فصل]
صحّت الأخبار عن النبي ﷺ في عذاب القبر على الجملة، فلا مطعن فيها ولا