(البخاري) عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال:«لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذّابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم ويكثر الزلازل ويتقارب الزمان، ويظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، وحتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي فيه، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس ومن مغربها فإذا طلعت ورآها الناس أجمعون فذلك حين ﴿لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً﴾ [الأنعام: ١٥٨]، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إليّ فيه فلا يطعمها»(١).
[فصل]
قال علماؤنا - رحمة الله عليهم -: هذه ثلاث عشرة علامة جمعها أبو هريرة في حديث واحد، ولم يبق بعد هذا ما ينظر فيه من العلامات والأشراط في عموم إنذار النبي ﷺ بفساد الزمان، وتغيير الدين وذهاب الأمانة، ما يغني عن ذكر التفاصيل الباطلة والأحاديث الكاذبة في أشراط الساعة. من ذلك حديث رواه قتادة عن أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ: أن في سنة مائتين يكون كذا وكذا، وفي العشر والمائتين يكون كذا وكذا، وفي العشرين كذا، وفي الثلاثين كذا، وفي الأربعين كذا، وفي الخمسين كذا، وفي الستين والمائتين تعتكف الشمس ساعة فيموت نصف الجن والإنس، فهل كان هكذا وقد مضت هذه المدة وهذا شيء يعم؟!
وسائر الأمور التي ذكرت قد تكون في بلدة وتخلو منه أخرى، فهذا عكوف الشمس لا يخلو منه أحد في شرق ولا غرب، فإن كان المائتين من الهجرة فقد مضت، وإن كان من موت النبي ﷺ فقد مضت، وأيضا دلالة أخرى على أنه مفتعل؛ أن التاريخ لم يكن على عهد رسول الله ﷺ أن يقال في سنة مائتين أو سنة عشرين ومائتين، ولم يكن وضع شيء من التاريخ.