للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به» فاعتذر إليه. فقال: «كلا أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك» (١).

[فصل]

وروي عن رسول الله أنه قال: «إن الحجر ليرن بسبع خلفات فيلقى في جهنم فيهوى فيها سبعين خريفا ويؤتى بالغلول معه ثم يكلف صاحبه أن يأتي به» (٢). قال فهو قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١] ذكره علي بن سليمان المرادي في الأربعين له. وقوله: يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة دليل على أن في الآخرة للناس ألوية، فمنها خزي وفضيحة يعرف بها أهلها، ومنها ألوية حمد وثناء وتشريف وتكريم، قال رسول الله : «لواء الحمد بيدي» وروى «لواء الكرم» وقد تقدم.

وروى الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار» (٣). فعلى هذا من كان إماما ورأسا في أمر ما معروفا به فله لواء يعرف به خيرا كان أو شرّا، وقد يجوز أن يكون للصالحين الأولياء ألوية يعرفون بها تنويها بهم وإكراما لهم والله أعلم، وإن كانوا غير معروفين. قال النبي : «رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه» (٤) وقال: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» (٥) أخرجهما مسلم.

وقال أبو حامد في كتاب «كشف علوم الآخرة»: وفي الحديث الصحيح: «أن أول ما يقضي الله فيه الدماء، وأول من يعطى الله أجورهم الذين ذهبت أبصارهم ينادى يوم القيامة بالمكفوفين فيقال لهم: أنتم أحرى (أحق) من ينظر إلينا ثم يستحيي الله تعالى منهم ويقول لهم: اذهبوا إلى ذات اليمين، ويعقد لهم راية وتجعل بيد شعيب فيصير أمامهم ومعهم ملائكة النور ما لا يحصى عددهم إلا الله تعالى يزفونهم كما تزف العروس، فيمر بهم على الصراط كالبرق الخاطف وصفة أحدهم الصبر والحلم كابن عباس ومن ضاهاه من الأئمة، ثم ينادي أين أهل البلاء ويريد المجذومين فيؤتى بهم فيحييهم الله بتحية طيبة بالغة فيؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد لهم راية خضراء وتجعل بيد أيوب فيصير أمامهم ذات اليمين وصفة المبتلي صبر وحلم وعلم كعقيل بن أبي طالب ومن ضاهاه من الأئمة، ثم ينادي: أين الشباب المتعففون فيؤتى بهم إلى الله فيرحب بهم نعما ويقول ما شاء الله أن يقول ثم يؤمر بهم إلى ذات اليمين ويعقد


(١) أخرجه أبو داود (٢٧١٢)، وحسنه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٢٣٦٠).
(٢) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١١٥٨) بسند ضعيف.
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٢٢٨) وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع» (١٣٤٩).
(٤) أخرجه مسلم (٢٦٢٢).
(٥) أخرجه مسلم (٢٩٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>