للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قدّرنا الآية في العصاة من الموحّدين؛ فيحتمل أن يكون الخزي بمعنى الحياء، يقال: خزي يخزى خزاية، إذا استحيى فهو خزيان، وامرأة خزيانة، كذا قال أهل المعاني. فخزي المؤمنين يومئذ؛ استحياؤهم في دخول النار من سائر أهل الأديان إلى أن يخرجوا منها، والخزي للكافرين هو هلاكهم فيها من غير موت، والمؤمنون يموتون، فافترقوا في الخزي والهوان، ثم يخرجون بشفاعة من أذن الله له في الشفاعة وبرحمة الرحمن وشفاعته على ما يأتي في الباب بعد هذا، وعند ذلك يكونون مرضيين قد رضي عنهم، ثم لا يأتي الإذن في أحد حتى لا يبقى عليه من قصاص ذنبه إلا ما تجيزه الشفاعة، فيؤذن فيه فيلحق بالفائزين الراضين، والحمد لله رب العالمين.

وأما قوله تعالى: ﴿يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا﴾ فمعناه:

لا يعذبه ولا يعذب الذين آمنوا وإن عذب العصاة وأماتهم فإنه يخرجهم بالشفاعة وبرحمته على ما يأتي بيانه في الباب بعد هذا - والله أعلم (١).

***

[١٢٥ - باب منه في الشفعاء وذكر الجهنميين]

ذكر ابن المبارك، قال: أخبرنا رشدين بن سعد، عن حييّ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي قال: «إن الصيام والقرآن يشفعان للعبد يقول الصيام: ربّ منعته الطعام والشراب والشهوات بالنهار فشفّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفّعني فيه؛ فيشفعان» (٢).


(١) انظر في ذلك كتاب «الشفاعة» لمحدّث الديار اليمنية العلامة مقبل بن هادي الوادعي - متّع الله بحياته المسلمين.
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ١٧٤) والحاكم (١/ ٥٥٤) ونعيم بن حماد في زوائد «الزهد» (٣٨٥) وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ١٦١) وابن نصر في «قيام الليل» ص ٢٣، وغيرهم.
من طريق: حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي به.
قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»! ووافقه الذهبي!
والألباني في «المشكاة» رقم (١٩٦٣).
وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» (٢/ ٨٤): «رجاله محتجّ بهم في الصحيح».
وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٨١) بعد أن عزاه لأحمد والطبراني في «الكبير»: «رجال رجال الصحيح»!

<<  <  ج: ص:  >  >>