فهو شهيد» (١). وقد روينا عن جماعة من أهل العلم أنهم رأوا قتال اللصوص ودفعهم عن أنفسهم وأموالهم، وهذا مذهب ابن عمر، والحسن البصري، وقتادة، ومالك والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان.
قال أبو بكر: وبهذا يقول عوام أهل العلم أن للرجل أن يقاتل عن نفسه وماله إذا أريد ظلما، للأخبار التي جاءت عن رسول الله ﷺ لم يخص وقتا من وقت، ولا حالا دون حال، إلا السلطان فإن جماعة أهل العلم كالمجتمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته أنه لا يحاربه ولا يخرج عليه، للأخبار الواردة الدالة عن رسول الله ﷺ بالصبر على ما يكون منهم من الجور والظلم، وقد تقدم ذلك في بابه، والحمد لله.
***
[٢٤١ - باب جعل الله في أول هذه الأمة عافيتها وفي آخرها بلاءها]
(مسلم) عن عبد الله بن عمر قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشرة، إذ نادى منادى رسول الله ﷺ: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله ﷺ، فقال:«إنه لم يكن نبيّ قبلي إلا كان حقّا عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيدفق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول: هذه منه. فمن أراد أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتي إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليعطه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» قال ابن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة: فدنوت منه، فقلت له: ناشدتك الله أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي، فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بالباطل ونقتل أنفسنا، والله ﷿ يقول:
(١) أخرجه أحمد (١/ ٧٩) وأبو داود (٤٧٧٢) والنسائي (٧/ ١١٥) والترمذي (١٤٢١) وابن ماجه (٢٥٨٠)، وصححه الألباني.