للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، مجزيون على الإخلال بها. وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي قال:

«إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، واقرءوا إن شئتم: ﴿فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً﴾ [الكهف: ١٠٥]» (١).

وقال العلماء: معنى هذا الحديث؛ أنه لا ثواب لهم، وأعمالهم مقابلة بالعذاب فلا حسنة لهم توزن في موازين يوم القيامة، ومن لا حسنة له فهو في النار.

وقال أبو سعيد الخدري: «يؤتى بأعمال كجبال تهامة فلا تزن شيئا». وقيل:

يحتمل أن يريد المجاز والاستعارة؛ كأنه قال: فلا قدر لهم عندنا يومئذ، والله أعلم.

وفيه من الفقه؛ ذم السمن لمن تكلفه، لما في ذلك من تكلفه المطاعم والاشتغال بها عن المكارم، بل يدل على تحريم كثرة الأكل الزائد على قدر الكفاية، المبتغي به الترفه والسمن، وقد قال : «إن أبغض الرجال إلى الله الحبر السمين» (٢).

***

[١١٣ - باب منه وبيان كيفية الميزان ووزن الأعمال فيه ومن قضى لأخيه حاجة]

(الترمذي) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله : «إن الله يستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مثل مدّ البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا، أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟ فقال: لا يا رب. فيقول: بل إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول:

احضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم. قال:

فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء» (٣) قال حديث حسن غريب. وأخرجه ابن ماجه في «سننه» وقال بدل قوله في أول الحديث: «إن الله يستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة»؛ «يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق» وذكر الحديث.


(١) أخرجه البخاري (٤٧٢٩) ومسلم (٢٧٨٥).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٣٩) وابن ماجه (٣٠٠) وغيرهما. وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>