للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على الملحدة]

قلت: وهنا فصول ستة في الردّ على الملحدة:

[الفصل الأول]

تأمل يا أخي وفقني الله وإياك هذا الحديث وما قبله من الأحاديث، ترشدك إلى أن الروح والنفس شيء واحد، وأنه جسم لطيف مشابك للأجسام المحسوسة، يجذب ويخرج، وفي أكفانه يلف ويدرج، وبه إلى السماء يعرج، لا يموت ولا يفنى، وهو ممّا له أول وليس له آخر، وهو بعينين ويدين، وأنه ذو ريح طيب وخبيث، وهذه صفة الأجسام لا صفة الأعراض (١).

وقد قال بلال في حديث الوادي: «أخذ بنفسي يا رسول الله الذي أخذ بنفسك».

وقال رسول الله ، مقابلا له في حديث زيد بن أسلم في حديث الوادي: «يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء ردها إلينا في حيز غير هذا» (٢). وقال رسول الله : «إن الروح إذا قبض تبعه البصر» وقال: «فذلك حين يتبع بصره نفسه». وهذا غاية في البيان «ولا عطر بعد عروس» (٣).

وقد اختلف الناس في الروح اختلافا كثيرا، أصح ما قيل فيه ما ذكرناه لك، وهو مذهب أهل السنة، أنه جسم. فقد قال تعالى: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها﴾ [الزمر: ٤٢]. قال أهل التأويل: يريد الأرواح، وقد قال تعالى: ﴿فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾ [الواقعة: ٨٣] يعني: النفس عند خروجها من الجسد، وهذه صفة الجسم، ولم يجر لها ذكر في الآية لدلالة الكلام عليها. كقول الشاعر:

أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى … إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

وكل من يقول: إن الروح يموت ويفنى فهو ملحد. وكذلك من يقول:

بالتناسخ؛ أنها إذا خرجت من هذا ركبت في شيء آخر؛ حمار أو كلب أو غير ذلك.

وإنما هي محفوظة بحفظ الله إمّا منعمة وإما معذّبة. على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.


(١) انظر في ذلك كتاب «الروح» لابن القيم ص ٤١٤ وما بعدها. ط. دار ابن كثير.
(٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (١١/ ٢٦/١) عن زيد بن أسلم مرسلا.
(٣) انظر في سبب ذكر هذا المثل: «مجمع الأمثال» لأبي الفضل النيسابوري (٢/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>