للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله ما جاء في حديث البراء من قول الكافر: «ربّ لا تقم الساعة، ربّ لا تقم الساعة، ربّ لا تقم الساعة». يرى أن ما يخلص له من عذاب الآخرة أشد مما هو فيه، وقد يكون ما جاء في الخطباء هو عذابهم في القبور، وفي أعضاء مخصوصة كغيرهم، كما جاء في حديث سمرة الطويل على ما تقدم، إلا أن قوله في حديث أسامة بن زيد يوم القيامة يدل على غير ذلك. وقد يحتمل أن يجمع لهم الأمران لعظم ما ارتكبوه من مخالفة قولهم فعلهم، ونعوذ بالله من ذلك.

***

[١٦٦ - باب ما جاء في طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم]

قال الله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ﴾ [الحج: ١٩] وقال:

﴿سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ﴾ [إبراهيم: ٥٠] وقال: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ﴾ [الدخان: ٤٣ - ٤٥] وقال: ﴿لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً﴾ [النبأ: ٢٤] أي نوما ﴿وَلا شَراباً * إِلاّ حَمِيماً وَغَسّاقاً * جَزاءً وِفاقاً﴾ [النبأ: ٢٤ - ٢٦] وقال: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً﴾ [الكهف: ٢٩] وقال عز من قائل: ﴿تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاّ مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٥] وقال: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ * وَلا طَعامٌ إِلاّ مِنْ غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٥، ٣٦] قال الهروي: معناه: صديد أهل النار، وما ينغسل ويسيل من أبدانهم.

قلت: وهو الغسّاق أيضا.

وذكر ابن المبارك: أخبرنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم وأبي رزين في قوله تعالى: ﴿هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسّاقٌ﴾ [ص: ٥٧] قالا ما يسيل من صديد أهل النار (١).

وقيل الغساق: القيح الغليظ المنتن.

وذكر ابن وهب، عن عبد الله بن عمر، قال الغساق: القيح الغليظ، لو أن قطرة منها تهراق في المغرب أنتنت أهل المشرق، ولو أنها تهراق في المشرق أنتنت أهل المغرب. وقيل: الغساق الذي لا يستطاع من شدة برده، وهو الزمهرير.

وقال كعب: الغسّاق: عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة


(١) أخرجه ابن المبارك في زوائد «الزهد» (٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>