للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاءت فقال: ألم آمرك أن تبيتي عندهم؟ فقالت: أردت أن أبيت، فجاء ابن عمر فأخرجنا. وقال: «اخرجن لا تبيتن أختي بالعذاب». وعن أبي البختري قال: «بيتوتة الناس عند أهل الميت ليست إلا من أمر الجاهلية».

قال المؤلف : وهذه الأمور كلها قد صارت عند الناس الآن سنّة وتركها بدعة، فانقلب الحال وتغيّرت الأحوال. قال ابن عباس : «لا يأتي على الناس عام إلا أماتوا فيه سنة، وأحيوا فيه بدعة، حتى تموت السنن وتحيا البدع، ولن يعمل بالسنن وينكر البدع إلاّ من هوّن الله عليه إسخاط الناس بمخالفتهم فيما أرادوا، ونهيهم عما اعتادوا، ومن يسّر لذلك أحسن الله تعويضه. قال رسول الله :

«إنك لن تدع شيئا إلاّ عوضك الله خيرا منه» (١). وقال : «لا يزال في هذه الأمة عصابة يقاتلون على أمر الله لا يضرهم جدال من جادلهم ولا عداوة من عاداهم» (٢).

[فصل]

ومن هذا الباب ما ثبت في «الصحيحين» عن عبد الله قال: قال رسول الله : «ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» (٣).

وفيهما أيضا عن أبي بردة بن أبي موسى قال: «وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال: أنا برئ مما برئ منه رسول الله ، فإن رسول الله برئ من الصالقة والحالقة والشاقة» (٤).

وفي صحيح مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة بن أبي موسى قالا:

أغمي على أبي موسى وأقبلت امرأته تصيح برنة، قالا: ثم أفاق، قال: ألم تعلمي - وكان يحدثها - أن رسول الله قال: «أنا برئ ممن حلق وسلق وخرق» (٥).

(ابن ماجه) عن أبي أمامة: «أن رسول الله لعن الخامشة وجهها، والشاقة جيبها، والداعية بالويل والثبور» (٦) إسناده صحيح.

وقال حاتم الأصم: إذا رأيت صاحب المصيبة قد خرق ثوبه، وأظهر حزنه،


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٧٩ - ٧٨، ٣٦٣) بإسناد صحيح.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ: ابن عساكر كما في «كنز العمال» (١٤/ ٤٤ - ٤٥/ ٣٧٨٨٩).
(٣) أخرجه البخاري (١٢٩٤، ١٢٩٧، ١٢٩٨، ٣٥١٩)، ومسلم (١٠٣).
(٤) أخرجه البخاري (١٢٩٦) ومسلم (١٠٤).
(٥) تقدّم تخريجه في أول الكتاب.
(٦) أخرجه ابن ماجه (١٥٨٥) وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» (١٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>