للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟ قالوا: يا رسول الله، كأنك كنت ترعى بالبادية! قال: «فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، ثم يقول: ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربّنا وأيّ شيء أفضل من هذا؟ فيقول رضائي فلا أسخط عليكم بعده أبدا» (١).

وخرج أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن محمد الختلي في كتاب «الديباج» له؛ حدّثنا أحمد بن أبي الحارث قال: حدّثنا عبد المجيد بن أبي رواد، عن معمر بن راشد، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : «إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه أخرج كتابا من تحت العرش؛ إن رحمتي سبقت غضبي، فأنا أرحم الراحمين. قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة، أو قال مثلي أهل الجنة - قال: وأكثر ظني أنه قال مثلي أهل الجنة، مكتوب بين أعينهم عتقاء الله» (٢).

[فصل]

هذا الحديث بيّن أن الإيمان يزيد وينقص حسب ما بيّناه في آخر سورة آل عمران من كتاب «جامع أحكام القرآن». فإن قوله: «أخرجوا من في قلبه مثقال دينار ونصف دينار وذرّة»؛ يدل على ذلك. وقوله: «من خير»؛ يريد: إيمان. وكذلك ما جاء ذكره في الخير في حديث قتادة عن أنس: «وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ما يزن برة، ما يزن ذرة» أي: من الإيمان، بدليل الرواية الأخرى التي رواها معبد بن هلال العنزي، عن أنس، وفيها: «فأقول يا ربّ أمتي أمتي» فيقال: «انطلق، فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل» الحديث بطوله، أخرجه مسلم.

فقوله: «من إيمان» أي: من أعمال الإيمان التي هي أعمال الجوارح، فيكون فيه دلالة على أن الأعمال الصالحة من شرائع الإيمان. ومنه قوله تعالى: ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣] أي: صلاتكم.

وقد قيل: إن المراد في هذا الحديث أعمال القلوب؛ كأنه يقول: أخرجوا


(١) أخرجه البخاري (٧٤٣٩).
(٢) إسناده ضعيف، والحديث أخرجه ابن أبي داود في «البعث» رقم (٥٢)، وقال الشيخ الحويني هناك: «إسناده حسن في الشواهد».

<<  <  ج: ص:  >  >>