بالمحشر الإنس والجن والدواب والوحوش والسباع والطير والهوام، وخشاش الأرض وكل من له روح، فبينما الناس قيام في أسواقهم يتبايعون وهم مشتغلون بالبيع والشراء؛ إذا هم بهدة عظيمة من السماء يصعق منها نصف الخلق، فلا يقومون من صعقتهم مدة ثلاثة أيام، والنصف الآخر من الخلق تذهل عقولهم فيبقون مدهوشين قياما على أرجلهم وهو قوله تعالى: ﴿وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ﴾ [ص: ١٥] فبينما هم كذلك إذا هدة أخرى أعظم من الأولى غليظة فظيعة كالرعد القاصف، فلا يبقى على وجه الأرض واحد إلا مات، كما قال ربنا جل وعلا: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ﴾ [الزمر:
٦٨ - ]. فتبقى الدنيا بلا آدمي ولا جني ولا شيطان، ويموت جميع من في الأرض من الهوام والوحوش والدواب وكل شيء له روح، وهو الوقت المعلوم الذي كان بين الله تعالى وبين إبليس الملعون.
***
[٢٨٦ - باب ما جاء في خراب الأرض والبلاد قبل الشام ومدة بقاء المدينة خرابا قبل يوم القيامة وفي علامة ذهاب الدنيا ومثالها وفي أول ما يخرب منها]
روي من حديث حذيفة بن اليمان ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال:
«ويبدأ الخراب في أطراف الأرض حتى تخرب مصر، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب البصرة وخراب البصرة من العراق وخراب مصر من جفاف النيل وخراب مكة من الحبشة، وخراب المدينة من الجوع وخراب اليمن من الجراد، وخراب الأبلة من الحصار، وخراب فارس من الصعاليك، وخراب الترك من الديلم، وخراب الديلم من الأرمن، وخراب الأرمن من الخزر، وخراب الخزر من الترك، وخراب الترك من الصواعق، وخراب السند من الهند، وخراب الهند من الصين، وخراب الصين من الرمل، وخراب الحبشة من الرجفة، وخراب الزوراء من السفياني، وخراب الروحاء من الخسف، وخراب العراق من القحط». ذكره أبو الفرج ابن الجوزي ﵀ في كتاب «روضة المشتاق والطريق إلى الملك الخلاق»، وسمعت أن خراب الأندلس من الريح العقيم، والله أعلم.