للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ﴾ فاستثنى هنا كما استثنى في نفخة الفزع، فدل على أنهما واحدة. وقد روى ابن المبارك عن الحسن قال: قال رسول الله : «بين النفختين أربعون سنة، الأولى: يميت الله تعالى بها كلّ حيّ، والأخرى: يحيي الله بها كلّ ميت» (١). وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.

وقال الحليمي: اتفقت الروايات على أن بين النفختين أربعين سنة، وذلك بعد أن يجمع الله تعالى ما تفرق من أجساد الناس من بطون السباع، وحيوانات الماء وبطن الأرض، وما أصاب النيران منها بالحرق، والمياه بالغرق، وما أبلته الشمس، وذرته الرياح، فإذا جمعها وأكمل كل بدن منها، ولم يبق إلا الأرواح؛ جمع الأرواح في الصور، وأمر إسرافيل فأرسلها بنفخة من ثقب الصور، فرجع كل ذي روح إلى جسده بإذن الله تعالى.

وجاء في بعض الأخبار ما يبين أن من أكله طائر أو سبع، حشر من جوفه. وهو ما رواه الزهري عن أنس قال: مرّ رسول الله بحمزة يوم أحد وقد جدع ومثّل به فقال: «لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى يحشره الله من بطون السباع والطير» (٢).

وقد أنكر بعض أهل الزيغ أن يكون الصور قرنا، قال الهيثم: من أنكر أن يكون الصور قرنا، فهو كمن ينكر العرش والصراط والميزان، وطلب لها تأويلات.

***

[٧١ - باب - منه - في صفة البعث وما آية ذلك في الدنيا وأول ما يخلق من الإنسان رأسه]

قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٥٧] وقال : ﴿اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ﴾ إلى قوله: ﴿فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ﴾


(١) ضعيف بهذا التمام، لكنه متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ «بين النفختين أربعون عاما» وهو جزء من حديث طويل.
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٨) وأبو داود (٣١٣٦) والترمذي (١٠١٦)، وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>